للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان، بل أعظم (١) أصوله، فردّت قضاء الله وقدره الشّامل العامّ بأمره ونهيه (٢).

فانظر إلى اقتسام الطّوائف هذا (٣) الموضعَ، وافتراقهم في مفرَقِ هذه الطّريق علمًا وخبرًا (٤) وسلوكًا وحقيقةً، وتأمَّلْ أحوالَ الخلق في هذا المقام= ينكشِفْ لك أسرارُ العالمين، وتعرف أين أنت وأين مقامك؟ وتعلم ما جنى هذا الجمعُ وهذا الفناءُ على الإيمان، وما خرَّب من القواعد والأركان! وتتحقَّق حينئذٍ أنَّ الدِّينَ كلَّه فرقانٌ في قرآنٍ (٥): فرقٌ في جَمْعٍ، وكثرةٌ في وحدةٍ، كما تقدَّم بيانه؛ وأنّ أولى النّاس بالله ورسله وكتبه ودينه أصحابُ الفرق في الجمع، فيقومون بالفرق بين ما يحبُّه الله ويبغضه، ويأمر به وينهى عنه، ويواليه ويعاديه علمًا وشهودًا، وإرادةً وعملًا، مع شهودهم الجمعَ لذلك كلِّه في قضائه وقدره ومشيئته الشَّاملة العامَّة، فيؤمنون بالحقيقة الدِّينيّة والكونيّة، ويعطون كلَّ حقيقةٍ حظَّها من العبادة.

فحظُّ الحقيقة الدِّينيّة: القيامُ بأمره ونهيه، ومحبّةُ ما يحبُّه وكراهةُ ما


(١) ج، ش: "من أعظم" بزيادة "من".
(٢) وانظر: "طريق الهجرتين" (١/ ١٨٨ - ١٩٢).
(٣) م: "في هذا". وفي ش: "انقسام الطوائف في هذا".
(٤) ضبط في ق بضم الخاء.
(٥) خلافًا لصاحب "الفصوص" (ص ٧٠) الذي قال في النص الثالث: "واعلم أنَّ الأمرَ قرآنٌ، لا فرقانٌ". ويكنون بالقرآن عن رؤية التفرقة بعين الجمع، وهي عندهم أكمل مقامات العارفين. انظر: "لطائف الإعلام" للقاشاني (٢/ ٥٦١، ٥٨١). وانظر: "الروح" للمؤلف (٢/ ٧٢٥) وقد ضبط في طبعته الثانية خطأً: "قِرَان" فليصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>