للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من يقول: حقيقة هذا المشهد أن يشهد الوجودَ كلَّه حسنًا لا قبيحَ فيه، وأفعالَهم كلَّها طاعاتٍ لا معصيةَ فيها، لأنّهم، وإن عصوا الأمر، فهم يطيعون المشيئة، ويقولون:

أصبحتُ منفعلًا لما تختاره ... منِّي ففعلي كلُّه طاعاتُ (١)

ويقول قائلهم: من شهد الحقيقةَ سقط عنه الأمرُ. ويحتجُّون بقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩] ويفسِّرون "اليقين" بشهود الحكمِ الكونيِّ، وهي الحقيقةُ عندهم (٢). ولا ريب أنَّ العامَّةَ خيرٌ من هؤلاء وأصحُّ إيمانًا، فإنَّ هذا زندقةٌ ونفاقٌ، وكذبٌ منهم على أنفسهم ونبيِّهم وإلههم.

أمّا كذبُهم على أنفسهم، فإنَّهم لا بدَّ أن يفرِّقوا قطعًا، فرغبوا عن الفرق


(١) البيت لابن إسرائيل محمد بن سوَّار الشاعر الصوفي الدمشقي (ت ٦٧٧) كما في "مجموع الفتاوى" (٨/ ٢٥٧)، وقد أنشده شيخ الإسلام والمصنف في غير موضع من كتبهما. انظر مثلًا: "قاعدة الفناء والبقاء" في "جامع المسائل" (١/ ١٧٠)، و"منهاج السنة" (٣/ ٢٥)، و"طريق الهجرتين" (١/ ٥٥)، وسيأتي في هذا الكتاب أكثر من مرة.
(٢) انظر: "جامع المسائل" (٧/ ١٦٨)، (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩)، و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ١٦٥ - ١٦٦)، (١٣/ ٢٦٧)، و"منهاج السنة" (٣/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>