للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، كيف لا يطرُد مَن هذه معاملتُه! وكيف لا يُبْعِد عنه مَن هذا وصفُه! وكيف يجعل مِن خاصَّتِه وأهلِ قربه مَن حالُه معه هكذا (١).

أمره بشكره، لا لحاجته إليه، ولكن لينال به المزيدَ من فضله، فجعل كُفْرَ نعَمِه والاستعانةَ بها على مساخطه من أكبر أسباب صَرْفِها عنه!

وأمرَه بذكره ليذكره بإحسانه، فجعَلَ نسيانَه سببًا لنسيان الله له (٢)، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧].

أمَره بسؤاله ليعطيه، فلم يسأله! بل أعطاه أجلَّ العطاء بلا سؤالٍ، فلم يقبل!

يشكو مَن يرحمه إلى مَن لا يرحمه، ويتظلَّم ممَّن (٣) لا يظلمه، ويدَعُ من يعاديه ويظلمه!

إن أنعَم عليه بالصِّحّة والعافية والمال والجاه استعان بنعمه على معاصيه، وإن سلَبه ذلك ظلَّ متسخِّطًا على ربِّه وهو شاكيه!

لا يصلح له (٤) على عافيةٍ، ولا على ابتلاءٍ: العافيةُ تلقيه إلى مساخطه،


(١) بعده في ع زيادة: "قد أفسد ما بينه وبين الله وكدَّره".
(٢) وردت في ع هنا هذه الآية أيضًا: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: ١٩].
(٣) ق، م، ش: "من"، وكذا كان في ل، ج ثم أصلح.
(٤) "له" مضروب عليه في ق، ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>