للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبلاءُ يدفعه إلى كفرانه وجحود نعمته وشكايته إلى خلقه!

دعاه إلى بابه، فما وقَف عليه ولا طرَقه! ثمّ فتَحه له فما عرَّج عليه ولا وَلَجه!

أرسل إليه رسولَه يدعوه إلى دار كرامته، فعصى الرَّسولَ، وقال: لا أبيع ناجزًا بغائبٍ، ونقدًا بنسيئةٍ، ولا أترك ما أراه لشيءٍ سمعتُ به! (١)

فإن وافق حظُّه طاعةَ الرّسول أطاعه لنيل حظِّه، لا لرضى مُرْسِله!

لم يزل يتمقَّت إليه بمعاصيه، حتّى أعرض عنه وأغلق البابَ في وجهه. ومع هذا فلم يُؤيِسْه من رحمته، بل قال: متى جئتَني قبلتُك، إن أتيتَني ليلًا قبلتُك، وإن أتيتَني نهارًا قبلتُك. و"إن تقرَّبتَ منِّي شبرًا تقرَّبتُ منك ذراعًا، وإن تقرَّبتَ منِّي ذراعًا تقرَّبتُ منك باعًا، وإن مشيتَ إليَّ هرولتُ إليك" (٢). "ولو لقيتَني بقُرابِ الأرض خطايا، ثمّ لقيتَني لا تشرك بي شيئًا (٣)، أتيتُك بقُرابها مغفرةً. ولو بلغت ذنوبُك عَنانَ السَّماءِ، ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لك" (٤).


(١) في ع هنا زيادة: "ويقول:
خذ ما رأيتَ ودع شيئًا سمعتَ به ... في طلعةِ الشَّمس ما يُغنيك عن زُحَلِ
وفي هامشها بإزاء هذا البيت: "زائد على الأصل". والبيت للمتنبي في "ديوانه" (ص ٣٣٠).
(٢) من حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٧٤٠٥) ومسلم (٢٦٧٥).
(٣) "شيئًا" من ج، ش، ع.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٥٤٠) وغيره من حديث أنس بن مالك، وفيه سعيد بن عُبيد، فيه لين. وله شاهد من حديث أبي ذر، أخرجه أحمد (٢١٤٧٢) من طريق شهر بن حوشب عن معدي كرب عن أبي ذر به، وشهر فيه لين. وقد أخرج مسلم (٢٦٨٧) بعضَه من طريق آخر عن أبي ذر مرفوعًا، ولفظه: " ... ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا لقيته بمثلها مغفرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>