للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكونه (١) قبيحًا في نفسه، بل لكونه خلاف ما أخبر به، ومعلومٌ أنّ هذا ليس وجه الكلام.

وكذلك قوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٢) [ص: ٢٧]. والباطل الذي ظنُّوه ليس هو الجمعَ بين النَّقيضين، بل الذي ظنُّوه أنّه لا شرع ولا جزاء، ولا أمر ولا نهي، ولا ثواب ولا عقاب؛ فأخبر أنّ خَلْقَها لغير ذلك هو الباطلُ الذي تنزَّه عنه، وذلك هو الحقُّ الذي خُلِقت به، وهو التّوحيد، وحقُّه وجزاؤه وجزاءُ مَن جحده وأشرك بربِّه.

وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١]. فأنكر سبحانه هذا الحسبانَ إنكار منبِّهٍ للعقل على قبحه، وأنّه حكمٌ سيِّئٌ، فالحاكمُ به مسيءٌ ظالمٌ. ولو كان إنما قبُح لكونه خلافَ ما أخبر به لم يكن الإنكار لما اشتمل عليه من القبح اللّازم من التَّسوية بين المحسن والمسيء، المستقرِّ قبحُه في فِطَرِ العالمين كلِّهم، ولا كان هناك حكمًا سيِّئًا (٣) في نفسه (٤) يُنكَر على من حكم به.

وكذلك قوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ


(١) يشبه رسمها في ق "تنزيه" ونحوه في ج وفوقها: "كذا". وفي ش: "بربه". والصواب ما أثبت من ل، ع.
(٢) في جميع النسخ: "السماوات"، ولعلها التبست بآية الدخان (٣٨).
(٣) كذا في جميع النسخ بالنصب والوجه الرفع. انظر مثله في "زاد المعاد" (١/ ٣١)، (٦/ ٣٤، ٣٠٧).
(٤) "في نفسه" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>