للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أمِّه" (١). وكان في صلاته واشتغاله بالله وإقباله عليه، وهو يشعر بعائشة - رضي الله عنها - إذا استفتحت الباب، فيمشي خطواتٍ يفتَحُ لها، ثمَّ يرجع إلى مصلَّاه (٢). وذكر في صلاته تِبْرًا كان عنده، فصلّى، ثمّ قام مسرعًا فقَسَمه، وعاد إلى مجلسه (٣). فلم تشغَلْه جمعيَّتُه العظمى ــ التي لا يُدرِكُ لها مَن بعدَه رائحةً ــ عن هذه الجزئيّات، صلواتُ الله وسلامُه عليه.

فصل

ومنهم من يتمكَّن الإيمانُ والعلمُ من قلبه (٤)، فإذا جاء الأمر قام إليه، وبادر بجمعيَّته. فإن صَحِبَتْه وإلَّا طرَحَها، وبادر إلى الأمر، وعلِمَ أنّه لا يسعُه غيرُ ذلك، وأنَّ الجمعيّةَ فضلٌ والأمرَ فرضٌ، ومَن ضيَّع الفروضَ للفضول حِيلَ بينه وبين الوصول. لكن إذا جاءت المندوباتُ ــ التي هي (٥) محلُّ


(١) أخرجه البخاري (٧٠٧) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد (٢٤٠٢٧، ٢٥٩٧٢) وأبو داود (٩٢٢) والترمذي (٦٠٧) والنسائي في "الكبرى" (٥٢٨، ١١٣٠) وفي "المجتبى" (١٢٠٦) وابن حبان (٢٣٥٥) والبيهقي (٢/ ٢٦٥) وغيرهم من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وفيه بُرْد بن سِنان، مختلف فيه وقد ضعَّفه علي ابن المديني وأبو حاتم في قول. وقد تفرد بهذا الحديث، ولم يتابَع إلا من طرق واهية. قال أبو حاتم لما سأله ابنه عن هذا الحديث كما في "العلل" (٤٦٧): "لم يروِ هذا الحديث أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير برد، وهو حديث منكر". وقال ابن رجب في "فتح الباري" (٦/ ٣٨٢ - دار ابن الجوزي): "واستنكره أبو حاتم والجوزجاني لتفرُّدِ بُردٍ به".
(٣) أخرجه البخاري (٨٥١) من حديث عقبة بن الحارث - رضي الله عنه -.
(٤) ش: "في قلبه".
(٥) "التي هي" تحرَّف في الأصل وغيره إلى "أكثر من". وقد أُصلح في ل كما أثبت من ع، واقترحه بعضهم في هامش ش أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>