للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، فإنَّ رؤيتَه لتلك الرُّؤية أيضًا علّةٌ توجب عليه توبةً (١)، وهلمَّ جرًّا؛ فلا ينتهي الأمرُ إلَّا بسقوط التَّمييز جملةً، والسُّكرِ والطَّمْس (٢) المنافي للعبوديَّة، فضلًا عن أن يكون غايةً للعبوديّة.

فتأمَّلِ الآن تفاصيلَ عبوديَّة الصَّلاة، كيف لا تتمُّ إلّا بشهود فعلك الذي متى غبتَ عنه كان ذلك نقصًا في العبوديّة.

فإذا قال المصلِّي: "وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطر السَّماوات والأرض حنيفًا" (٣)، فعبوديّةُ هذا القول أن يشهد وجهَه، وهو قصدُه وإرادتُه (٤)، وأن يشهدَ حنيفيَّتَه (٥)، وهي إقبالُه على الله.

ثمّ إذا قال: "إنَّ صلاتي ونسكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين" (٦)، فعبوديّةُ هذا القول أيضًا: أن يشهد الصّلاةَ والنُّسكَ المضافَين إليه لله (٧) سبحانه. ولو غاب عنهما كان قد أضاف إلى الله بلسانه ما هو غائبٌ عن استحضاره بقلبه، فكيف يكون هذا أكملَ وأعلى مِن حال من استحضر فعلَه


(١) ل، ش: "توبته".
(٢) في "لطائف الإعلام" (٢/ ٤٨١) أنَّ المحو: رفع أوصاف العادة. والطمس فوق المحو، وهو رفع جميع الأوصاف.
(٣) رواه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ٣٥١).
(٥) ع: "حقيقته"، تصحيف ظاهر.
(٦) جزء من حديث علي - رضي الله عنه - السابق.
(٧) كان في الأصل: "إلى الله" كما في ش وهامش م، فأصلح كما أثبت من ع. وفي ل، ج، م: "المضافين لله" بحذف "إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>