للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذَّنب، والمعتزلةِ المخلِّدين في النّار بالكبيرة التي تقدَّمها الألوفُ من الحسنات؛ فإنَّ الفريقين متَّفقان على خلود أرباب الكبائر في النّار، لكنَّ الخوارجَ كفَّروهم، والمعتزلةَ فسَّقوهم، وكلا المذهبين باطلٌ في دين الإسلام، مخالفٌ للمنقول والمعقول وموجَبِ العدل واللهُ {لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠].

قالوا: وقد ذكر الإمام أحمد - رحمه الله - في "مسنده" (١) مرفوعًا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الله يحبُّ العبدَ المفتَّن التَّوَّاب".

قلتُ: وهو الذي كلَّما فُتِن بالذّنب تاب منه. فلو كان معاودتُه تُبطِل (٢) توبتَه لما كان محبوبًا للرَّبِّ، ولكان ذلك أدعى إلى مقته.

قالوا: وقد علَّق الله سبحانه قبولَ التَّوبة بالاستغفار وعدم الإصرار، دون المعاودة، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥]. والإصرار: عقدُ القلب على ارتكاب الذّنب متى ظفر به، فهذا الذي يمنَع مغفرتَه.


(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" (٦٠٥، ٨١٠) وزوائده على "فضائل الصحابة" (١١٩١) وأبو يعلى (٤٨٣) والدولابي في "الكنى" (٢/ ٨٤٠) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وإسناده ضعيف جدًّا. وأخرجه الحارث (١٠٧٦ - بغية الباحث) من طريق آخر فيه الواقدي وقد كُذِّب. وقد حكم الألباني على الحديث بالوضع، انظر: "الضعيفة" (٩٦).
(٢) كذا في ج، ش. ولم ينقط حرف المضارع في غيرهما. وفي ع: "كانت معاودته ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>