للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوَّلَ بعضُهم الدُّخولَ بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالدًا. ونحو (١) ذلك من التّأويلات المستكرَهة.

والشّارعُ ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ لم يجعل ذلك حاصلًا بمجرَّد قولِ اللِّسان فقط، فإنَّ هذا خلافُ المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنَّ المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدَّرك الأسفل من النّار. فلا بدَّ من قول القلب، وقول اللِّسان.

وقولُ القلب يتضمَّن من معرفتِها، والتَّصديقِ بها، ومعرفةِ حقيقة ما تضمَّنته من النَّفي والإثبات، ومعرفةِ حقيقة الإلهيَّة المنفيَّة عن غير الله، المختصَّة به، التي يستحيل ثبوتُها لغيره، وقيامِ هذا المعنى بالقلب علمًا ومعرفةً ويقينًا وحالًا= ما يُوجِبُ تحريمَ قائلها على النّار. وكلُّ قولٍ رتَّب الشَّارعُ عليه (٢) ما رتَّب من الثَّواب، فإنّما هو القولُ التَّامُّ، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال في يومٍ: سبحان الله وبحمده مائة مرّةٍ، حُطَّت عنه خطاياه ــ أو: غُفِرَتْ له ذنوبُه ــ ولو كانت مثلَ زبدِ البحر" (٣). وليس هذا مرتَّبًا على مجرَّد القول اللِّساني.

نعم، من قالها بلسانه غافلًا عن معناها، مُعرضًا عن تدبُّرها، ولم يواطئ قلبُه لسانَه، ولا عرَفَ قدرها وحقيقتها، راجيًا مع ذلك ثوابَها= حُطَّت من خطاياه بحسب ما في قلبه؛ فإنَّ الأعمالَ لا تتفاضَلُ بصورها وعددها، وإنَّما


(١) ع: "أو نحو".
(٢) "عليه" ساقط من م، وقد وقع في ع قبل "الشارع" وفي ش قبل "من الثواب".
(٣) أخرجه البخاري (٦٤٠٥)، ومسلم (٢٦٩١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>