للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شفاعة إلّا بإذنه، ولا يأذن إلّا لمن رضي (١) قوله وعمله، ولا يرضى من القول والعمل إلّا بتوحيده (٢) واتِّباع رسوله.

فالله تعالى لا يغفر شركَ العادلين به غيره، كما قال تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]. وأصحُّ القولين أنّهم يعدلون به غيرَه في العبادة والموالاة والمحبّة، كما في الآية الأخرى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]، وكما في آية البقرة: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [١٦٥].

وترى المشرك يكذِّب حالُه وعملُه لقوله (٣)، فإنّه يقول: لا نحبُّهم كحبِّ الله، ولا (٤) نسوِّيهم بالله؛ ثمّ يغضب لهم ولحرماتهم ــ إذا انتُهكت ــ أعظمَ ممّا يغضبُ لله! ويستبشرُ بذكرهم، ويتبَشْبَشُ به، سيَّما إذا ذُكِر عنهم ما ليس فيهم من إغاثة اللَّهَفات (٥)، وكشف الكربات، وقضاء الحاجات؛ وأنّهم بابٌ بين الله وبين عباده= ترى المشركَ يفرَحُ ويُسَرُّ ويحِنُّ قلبُه وتهيجُ منه لواعجُ التَّعظيم والخضوع لهم والموالاة. وإذا ذكرتَ له الله وحده، وجرَّدتَ توحيدَه لحقته وحشةٌ وضيقٌ وحرجٌ، ورماك بتنقُّص الآلهة التي له، وربَّما عاداك!


(١) ع: "ارتضى".
(٢) ع: "توحيده".
(٣) كذا في جميع النسخ. ومن نظائر استعمال المؤلف لام التقوية كما هنا ما سبق في (ص ٢٢٢، ٣٣٩).
(٤) ق، ل: "ألا". وفي ج دون واو العطف.
(٥) ش: "اللهفان".

<<  <  ج: ص:  >  >>