للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقضاء المريض والمسافر والحائض للصَّوم، وقضاء المغمى عليه والنَّائم والنّاسي. أمَّا إذا كان القضاءُ غيرَ مبرِّئٍ (١) للذِّمّة ولا هو معذورٌ بتأخير الواجب عن وقته، فهذا لم يتناوله الأمرُ الأوّل ولا أمرٌ ثانٍ، وإنَّما هو القياسُ الذي عُلِمَ افتراقُ الأصل والفرع فيه في وصفٍ ظاهرِ التَّأثير مانعِ الإلحاق (٢).

قالوا: وأمَّا قولُكم: إنَّه إذا لم يمكن تداركُ مصلحة الفعل تدارَكَ منها ما أمكن، فهذا إنَّما يفيد إذا لم يكن حصولُ المصلحة موقوفًا على شرطٍ تزول المصلحةُ بزواله. والتَّداركُ بعد فواتِ شرطِه وخروجِه عن الوجه (٣) المأمور به ممتنعٌ إلّا بأمرٍ آخر من التَّوبة وتكثير النَّوافل والحسنات. وأمَّا تداركُ عين هذا الفعل، فكلَّا ولمَّا (٤)!

قالوا: وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتُكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم" (٥)، فقد أبعَدَ النُّجعةَ مَن احتجَّ به، فإنَّ هذا إنّما يدلُّ على أنَّ المكلَّفَ إذا عجَز عن جملة المأمور به أتى بما يقدر عليه منه، كمن عجَز عن القيام في الصَّلاة أو عن إكمال غسل أعضاء الوضوء أو عن إكمال الفاتحة، أو عن تمام الكفاية في الإنفاق الواجب ونحو ذلك= أتى بما يقدر عليه، وسقَط عنه ما يعجِز (٦) عنه. أمَّا مَن ترَكَ المأمورَ به حتَّى خرج وقته عمدًا وتفريطًا بلا عذرٍ، فلا


(١) ضبط في ع: "مُبْرٍ" من الإبراء مع تسهيل الهمز.
(٢) م، ش، ع: "للإلحاق"، وكذا غيِّر في ق.
(٣) ش: "الوقت".
(٤) انظر ما علَّقت على استعمال "كلا ولما" للإنكار في "زاد المعاد" (١/ ١٢).
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) ع: "ويسقط عنه ما عجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>