للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتناوله الحديثُ. ولو كان الحديثُ متناولًا له لمَا توعَّدَه بإحباط عمله، وشبَّهه بمن سُلِبَ أهلَه ومالَه وبقيَ بلا أهلٍ ولا مالٍ.

قالوا: وأمّا قولكم: إنَّه لا يُظَنُّ بالشَّرع تخفيفُه عن هذا العامد المفرِّط بعدم إيجاب القضاء، وتكليفُ المعذور به؛ فكلامٌ بعيدٌ عن التَّحقيق بيِّنُ البطلان، فإنَّ هذا المعذورَ إنّما فعَلَ ما أُمِر به في وقته كما تقدَّم، فهو (١) في فعلِ ما أُمِرَ به كغير المعذور الذي صلّى في وقته. ونحن لم نُسْقِط القضاءَ عن العامد المفرِّط تخفيفًا عنه، بل لأنَّه غيرُ نافعٍ له ولا مقبولٍ منه ولا مأمورٍ به، فلا سبيلَ له إلى تحصيلِ مصلحةِ ما تركه، فأين التَّخفيفُ عنه؟

قالوا: وأمَّا قولُكم: إنَّ الصَّلاةَ خارجَ الوقت بدلٌ عن الصَّلاة في الوقت، وإذا تعذَّر المبدَلُ انتقل إلى بدله، فهل هذا إلّا مجرَّد دعوى! وهل وقع النِّزاع إلّا في هذا! فما الدَّليل على أنَّ صلاةَ هذا المفرِّط العامد بدلٌ؟ ونحن نطالبكم بالأمر بها أوّلًا، وبكونها مقبولةً نافعةً ثانيًا، وبكونها بدلًا ثالثًا؛ ولا سبيل لكم إلى إثبات شيءٍ من ذلك البتَّة. وإنّما يُعلَم كونُ الشَّيء بدلًا بجعل الشَّارع له كذلك، كشرعه التّيمُّمَ عند العجز عن استعمال الماء، والإطعامَ عند العجز عن الصِّيام، وبالعكس كما في كفّارة اليمين. فأين جعل الشَّرعُ (٢) قضاءَ هذا المفرِّط المضيِّع بدلًا عن فعله العبادةَ في الوقت؟ وهو ذلك القياسُ الذي قد تبيَّن فساده؟

قالوا: وأمّا قياسُكم فعلَها خارجَ الوقت على صحَّة أداء ديون الآدميِّين بعد وقتها، فمن هذا النَّمَط لأنَّ وقتَ الوجوب في حقِّه ليس محدودَ الطَّرفين


(١) "فهو" ساقط من ش.
(٢) م، ش: "الشارع".

<<  <  ج: ص:  >  >>