للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرُ محدودٍ البتَّة، بل الوقتُ في حقِّه عند يقظته وذكره، لا وقتَ له إلّا ذلك.

هذا الذي دلَّ عليه نصوصُ الشَّرع وقواعدُه، وهذا المفرِّطُ المضيِّعُ خارجٌ عن هذه الأقسام، وهو قسمٌ رابعٌ، فبأيِّها تلحقونه؟

قالوا: وقد شرع الله تعالى قضاءَ رمضان لمن أفطَرَه لعذرٍ من حيضٍ أو سفرٍ أو مرضٍ، ولم يشرعه قطُّ لمن أفطره (١) متعمِّدًا من غير عذرٍ لا بنصٍّ ولا إيماءٍ (٢) ولا تنبيهٍ، ولا تقتضيه قواعده. وإنّما غايةُ ما معكم قياسُه على المعذور، مع اطِّراد قواعد الشَّرع على التَّفريق بينهما، بل قد أخبر الشَّارعُ أنَّ صيامَ الدَّهر لا يقضيه عن يومٍ يُفطره بلا عذرٍ، فضلًا عن يومٍ مثله.

قالوا: وأمّا قولكم: إنّه كان يجب عليه أمران: العبادةُ وإيقاعُها في وقتها فإذا ترك أحدَهما بقي عليه الآخَرُ؛ فهذا إنَّما ينفع فيما إذا لم يكن أحدُ الأمرين مرتبطًا بالآخر ارتباطَ الشَّرطيّة، كمن أُمِر بالحجِّ والزَّكاة، فترَكَ أحدهما لم يَسقُط عنه الآخرَ. أمَّا إذا كان أحدُهما شرطًا في الآخر وقد تعذَّر الإتيانُ بالشَّرط الذي لم يؤمر بالمشروط إلّا به، فكيف يقال: إنَّه يؤمَرُ بالآخَر بدونه، ويصحُّ منه بدون وصفه وشرطه؟ فأين أمَرَه الله بذلك؟ وهل الكلامُ إلّا فيه؟

قالوا: وإن قلنا: إنَّما يجب القضاءُ بأمرٍ جديدٍ، فلا أمرَ معكم بالقضاء في محلِّ النِّزاع، وقياسُه على مواقع الإجماع ممتنعٌ كما بيّنّاه. وإن قلنا: يجب بالأمر الأوّل، فهذا فيما إذا كان القضاءُ نافعًا ومصلحتُه كمصلحة الأداء


(١) "لعذرٍ ... أفطره" ساقط من ع لانتقال النظر.
(٢) ع: "بإيماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>