للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن الإيمان بمشورتكم وتوفيق أنفسكم، ولا تقدَّمتم به إليها، فنفوسكم تقصر وتعجز عن ذلك ولا تبلغه (١)، فلو أطاعكم رسولي في كثيرٍ ممَّا تريدون لشقَّ عليكم ذلك ولهلكتم وفسدت مصالحكم وأنتم لا تشعرون، ولا تظنُّوا أنّ نفوسكم تريد بكم الرُّشد والصَّلاح كما أردتم الإيمان، فلولا أنِّي حبَّبتُه إليكم وزيَّنته في قلوبكم وكرَّهت إليكم ضدَّه لما وقع منكم (٢) ولا سمحت به نفوسكم (٣).

وقد ضُرب للتوفيق والخذلان مَثَل مَلِكٍ أرسل إلى أهل بلدة (٤) من بلاده رسولًا، وكتب معه كتابًا يُعْلمهم أنَّ العدوَّ مُصبِّحهم عن قريبٍ (٥) ومُجتاحهم ومخرِّب البلد ومهلك من فيها، وأرسل إليهم أموالًا ومراكب وزادًا وعُدَّةً وأدلَّةً، وقال: ارتحلوا إليَّ مع هؤلاء الأدلَّة وقد أرسلت إليكم جميع ما تحتاجون إليه، ثمَّ قال لجماعةٍ من مماليكه: اذهبوا إلى فلانٍ فخذوا بيده واحملوه ولا تذروه يقعد، واذهبوا إلى فلانٍ كذلك وإلى فلانٍ، وذروا من عداهم فإنَّهم لا يصلحون أن يساكنوني في بلدي، فذهب خواصُّ الملك (٦) إلى من أُمروا بحملهم، فلم يتركوهم يقرُّون، بل حملوهم حملًا وساقوهم سوقًا إلى الملك، فاجتاح العدوُّ من بقي في المدينة وقتلهم وأسر


(١) ج، ن: «تعجر ولا تعقله».
(٢) «منكم» ساقط من ج، ن.
(٣) ع: «أنفسكم».
(٤) ن: «بلدٍ».
(٥) «عن قريب» ساقط من ج، ن.
(٦) ع: «مماليكه».

<<  <  ج: ص:  >  >>