للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن سَمْع القبول: قوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (١) [التوبة: ٤٧]، أي قابلون منهم مستجيبون لهم، هذا أصحُّ القولين في الآية (٢).

وأمَّا قول من قال: عيونٌ لهم وجواسيسُ فضعيف، فإنَّه سبحانه أخبر عن حكمته في تثبيطهم عن الخروج بأنَّ خروجهم يوجب الخَبال والفساد، والسَّعي بين العسكر بالفتنة، وفي العسكر من يقبل منهم ويستجيب لهم، فكان في إقعادهم عنهم لطفًا (٣) بهم ورحمةً، حتَّى لا يقعوا في عنت القبول منهم.

أمَّا اشتمال العسكر على جواسيسَ وعيونٍ لهم، فلا تعلُّق له بحكمة التثبيط والإقعاد، ومعلومٌ أنَّ جواسيسهم وعيونهم منهم، وهو سبحانه قد أخبر أنَّه أقعدهم لئلَّا يسعوا بالفساد في العسكر ويبغونهم (٤) الفتنة، وهذه الفتنة إنَّما تندفع بإقعادهم وإقعاد جواسيسهم وعيونهم.

وأيضًا فإنَّ الجواسيس إنَّما تُسمَّى عيونًا، هذا المعروف في الاستعمال، لا تسمَّى سمَّاعين.


(١) في ع اقتصر على قوله: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}.
(٢) وهو قول قتادة وابن إسحاق، والآتي قول مجاهد وابن زيد. انظر: «تفسير الطبري» (١١/ ٤٨٦).
(٣) كذا في النسخ الخطية، والوجه الرفع.
(٤) كذا في النسخ بالرفع, ويصح ذلك لو حُذفت واو العطف ليكون الفعل حالًا، وهو مقتضى لفظ الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>