للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا فإنَّ هذا نظير قوله تعالى في إخوانهم من اليهود: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢]، أي قابلون له.

والمقصود أنّ سماع خاصَّة الخاصَّة المقرَّبين هو سماع القرآن بالاعتبارات الثلاثة: إدراكًا، وفهمًا وتدبُّرًا، وإجابةً. وكلُّ سماعٍ في القرآن مدح الله أصحابه وأثنى عليهم، وأمر به أولياءه، فهو هذا السماع.

وهو سماع الآيات، لا سماع الأبيات (١)؛ وسماع القرآن، لا سماع الشيطان؛ وسماع المراشد، لا سماع القصائد (٢)؛ وسماع الأنبياء والمرسلين والمؤمنين (٣)، لا سماع المغنِّين والمطربين؛ وسماع كلام ربِّ الأرض والسماء، لا سماع قصائد الشُّعراء.

فهذا السماع حادٍ يحدو القلوب إلى جوار علَّام الغيوب، وسائقٌ يسوق الأرواح إلى ديار الأفراح، ومحرِّكٌ يثير ساكن العزمات إلى أعلى المقامات وأرفع الدرجات، ومنادٍ ينادي للإيمان، ودليلٌ يدل بالركب في طريق الجنان، وداعٍ يدعو القلوب بالمساء والصباح من قِبَل فالق الإصباح: حيَّ على الفلاح، حيّ على الفلاح.

فلن تَعْدَم مِن هذا السّماع إرشادًا لحجَّة، وتبصرةً لعبرة، وتذكرةً لمعرفة،


(١) «لا سماع الأبيات» ساقط من ل.
(٢) «وسماع المراشد، لا سماع القصائد» تأخر في ع إلى آخر الفقرة. وأشير بين السطرين أن: «سماع الأنبياء والمرسلين، لا سماع المغنيين والمطربين» موضعه أيضًا في آخر الفقرة معطوفًا على الجملة السابقة.
(٣) «والمؤمنين» ساقط من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>