للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفكرةً في آيةٍ، ودلالةً على رشد، وردًّا عن ضلالة، وإرشادًا من غيٍّ، وبصيرةً من عمًى، وأمرًا بمصلحة، ونهيًا عن مضرَّةٍ ومفسدة، وهدايةً إلى نور، وإخراجًا من ظلمة، وزجرًا عن هوًى، وحثًّا على تُقًى، وجلاءً لبصيرة، وحياةً لقلب وغذاءً، ودواءً وشفاءً، وعصمةً ونجاةً، وكشفَ شبهة، وإيضاحَ برهان، وتحقيقَ حقٍّ وإبطالَ باطل.

ونحن نرضى بحكم أهل الذوق في سماع الأبيات والقصائد، ونناشدهم بالّذي أنزل القرآن هدًى وشفاءً ونورًا وحياةً: هل وجدوا ذلك أو شيئًا منه في الدُّفِّ والمزمار، ونغمةِ الشاهد (١) ومطربات الألحان، والغناءِ المشتمل على تهييج الحبِّ المطلق الذي يشترك فيه محبُّ الرَّحمن، ومحبُّ الأوطان، ومحبُّ الإخوان، ومحبُّ العلم والعرفان، ومحبُّ الأموال والأثمان، ومحبُّ النِّسوان، ومحبُّ (٢) المردان، ومحبُّ الصُّلبان؟ فهو يثير من قلب كلِّ مشتاقٍ ومحبٍّ إلى شيءٍ ساكنَه، ويُزعج قاطنَه، فيثور وجدُه، ويبدو شوقُه، فيتحرَّك على حسب ما في قلبه من الحبِّ والشّوق والوجد بذلك


(١) «الشاهد» في اصطلاح القوم: ما يكون حاضر قلب الإنسان مستوليًا عليه. ويُطلَق على صاحب الوجه الوضيء والصوت الحسن الذي استولى ذكره وحبُّه على القلب. ومن عادة بعض الصوفية تحرِّي أصحاب الصور الجميلة من المردان للإسماع، وقد يُحضرَون ليمتحن بهم السالك نفسه: هل هو مشغول بجماله، أو مشغول عنه بما هو فيه من حال السماع؟ فإن كان الأول فالأمرد المسمَّى بـ «الشاهد» شاهد عليه في بقاء نفسه، وإن كان الثاني فهو شاهد له على فناء نفسه! انظر: «القشيرية» (ص ٢٨٨ - ٢٨٩)، و «الاستقامة» لشيخ الإسلام (١/ ٣٢٠)، و «إحكام الدلالة على تحرير الرسالة» لزكريا الأنصاري (١/ ٣٣٠).
(٢) «محب» ساقط من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>