للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا حديث هند بن أبي هالة في صفة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان متواصل الأحزان، فحديثٌ لا يثبت، وفي إسناده من لا يعرف (١). وكيف يكون متواصل الأحزان، وقد صانه الله عن الحزن على الدُّنيا وأسبابها، ونهاه عن الحزن على الكفَّار، وغفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر؛ فمن أين يأتيه الحزن؟! بل كان دائم البِشر ضحوك السِّنِّ، كما في صفته: «الضّحوك القتّال» (٢) صلوات الله وسلامه عليه.

وأمّا الخبر المرويُّ: «إنّ الله يحبُّ كلَّ قلبٍ حزينٍ» فلا يعرف إسناده، ولا من رواه، ولا تعلم صحَّته (٣).


(١) جزء من حديث أخرجه الترمذي في «الشمائل» (٢٢٥) وابن أبي الدنيا في «الهم والحزن» (١) والطبراني في «الكبير» (٢٢/ ١٥٥) والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٣٦٢) وفي «دلائل النبوة» (١/ ٢٨٥ - ٢٨٨) وغيرهم. وفي إسناده جُمَيع بن عمر العجلي، رافضي ضعيف؛ ورجل من بني تميم وابنٌ لأبي هالة، مجهولان. وله إسناد آخر عند البيهقي في «الدلائل»، ولكنه من طريق الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن العلوي النسَّابة، وهو كذَّاب.
(٢) هذا من جملة صفاته - صلى الله عليه وسلم - التي كانت تعرفها اليهود أنها تكون في نبي يُبعث إليهم، {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}. انظر: «مغازي الواقدي» (١/ ٣٦٧).
(٣) بل يُعرف إسنادُه ومَن رواه، ولكنه حديث ضعيف، أخرجه البزار (٤١٥٠) وابن عدي في «الكامل» (٢/ ٤٦٢) والطبراني في «مسند الشاميين» (١٤٨٠، ٢٠١٢) والحاكم (٤/ ٣١٥) والبيهقي في «الشعب» (٨٦٥، ٨٦٦) من طريقين عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء مرفوعًا. قال الحاكم: صحيح الإسناد، فتعقَّبه الذهبي بأنه منقطع، أي بين ضمرة وأبي الدرداء.

وله طريق آخر عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء في «مسند الفردوس» كما في «الغرائب الملتقطة منه» للحافظ (٣/ ٢٠٣ ــ مخطوطة دار الكتب المصرية)، وإسناده غريب، وفيه مَن لم أجد له ترجمة. وروي أيضًا من حديث معاذ بن جبل ولكنه موضوع. انظر: «الضعيفة» (٣١١٧). ولعل مردَّ هذه الروايات إلى أثر إسرائيلي رواه المُعافى بن عمران في «الزهد» (١٨٦) عن إسماعيل بن رافع أن ذلك مكتوب في التوراة.

<<  <  ج: ص:  >  >>