للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فافعل، فإن لم تستطع فإنَّ في الصبر [على ما تكره] (١) خيرًا كثيرًا» (٢)، فرفعه إلى أعلى المقامات، ثمَّ ردَّه إلى أوسطها إن لم يستطع الأعلى. فالأوَّل مقام الإحسان، والذي حطَّه إليه مقام الإيمان، وليس دون ذلك إلَّا مقام الخسران.

السابع والأربعون: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أثنى على الراضين بمُرِّ القضاء بالحُكم والعلم والفقه والقرب من درجة النبوَّة، كما في حديث الوفد الذين قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما أنتم؟» فقالوا: مؤمنون، فقال: «ما علامة إيمانكم؟» فقالوا: الصبر عند البلاء، والشُّكر عند الرخاء، والرِّضا بمرِّ القضاء، والصِّدق في مواطن اللِّقاء، وترك الشماتة بالأعداء، فقال: «حكماء علماء، كادوا مِن فقههم أن يكونوا أنبياء» (٣).

الثامن والأربعون: أنَّ الرِّضا آخذٌ بزمام مقامات الدِّين كلِّها، وهو روحها وحياتها، فإنَّه روح التوكُّل وحقيقته، وروح اليقين، وروح المحبَّة، وصفة المحبِّ، ودليل صدق المحبَّة، وروح الشُّكر ودليله.

قال الربيع بن أنسٍ: علامة حبِّ الله: كثرة ذكره، فإنَّك لا تحبُّ شيئًا إلَّا


(١) ما بين الحاصرتين من ع، وهو لفظ الحديث.
(٢) سبق تخريجه (١/ ١٦٨ - ١٦٩).
(٣) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٩/ ٢٧٩) والبيهقي في «الزهد الكبير» (٩٧٠) وابن عساكر في «تاريخه» (١/ ١٩٩ - ٢٠١) من حديث علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي، عن أبيه، عن جدِّه الذي كان في ذلك الوفد. إسناده ضعيف، فإن علقمة مجهول، قال الذهبي: لا يُعرَف، وأتى بخبر منكر عن أبيه عن جدِّه. «ميزان الاعتدال» (٣/ ١٠٨). وأقره الحافظ في «اللسان» (٥/ ٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>