للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٤] ومضمونه:

أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره ولهذا قال: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» الحديث (١)، وكذا حديث معاذ: «أتدري ما حق الله على عباده؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» الحديث (٢)، وفي الحديث الآخر «لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان». وقال حماد بن سلمة: حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن الطفيل بن سخبرة (٣) أخي عائشة أم المؤمنين لأمها قال: رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على نفر من اليهود فقلت من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود، قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزيز ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد، قال: ثم مررت بنفر من النصارى فقلت من أنتم؟ قالوا نحن النصارى، قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت ثم أتيت النبي فأخبرته فقال:

«هل أخبرت بها أحدا؟» قلت: نعم، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا (٤) أن أنهاكم عنها فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده» هكذا رواه ابن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث حماد بن سلمة به، وأخرجه ابن ماجة من وجه آخر عن عبد الملك بن عمير به بنحوه، وقال سفيان بن سعيد الثوري عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رجل للنبي ما شاء الله وشئت فقال: «أجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده» رواه ابن مردويه وأخرجه النسائي وابن ماجة من حديث عيسى بن يونس عن الأجلح به، وهذا كله صيانة وحماية لجناب التوحيد، والله أعلم.

وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن


(١) أخرجه البخاري (تفسير سورة ٢ باب ٣؛ وأدب باب ٢٠؛ وحدود باب ٢٠؛ وديات باب ١، وتوحيد باب ٤٠) ومسلم (إيمان حديث ١٤١، ١٤٢) وأبو داود (طلاق باب ٥) والترمذي (تفسير سورة ٢٥ باب ١ و ٢) والنسائي (أيمان باب ٦؛ وتحريم باب ٤) وأحمد في المسند (ج ١ ص ٢٨٠)
(٢) أخرجه البخاري (لباس باب ١٠١؛ جهاد باب ٤٦؛ استئذان باب ٣٠؛ رقاق باب ٢٧؛ توحيد باب ١) ومسلم (إيمان حديث ٤٨ - ٥١)
(٣) وهو الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة. وقد ينسب إلى جده فيقال: الطفيل بن سخبرة. (أسد الغابة ٣/ ٥٣؛ وموسوعة رجال الكتب التسعة ٢/ ٢٠٣)
(٤) في مسند أحمد (ج ٥ ص ٧٢) والدر المنثور (ج ١ ص ٧٦): «وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم منها».

<<  <  ج: ص:  >  >>