للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتمه الله فلا ينقصه أبدا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا. وقال أسباط عن السدي (١): نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ورجع رسول الله فمات قالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله تلك الحجة فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل، فمال رسول الله على الراحلة، فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن، فبركت، فأتيته فسجيت عليه بردا كان علي.

وقال ابن جرير وغير واحد: مات رسول الله بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما، رواهما ابن جرير، ثم قال: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا ابن فضيل عن هارون بن عنترة، عن أبيه، قال: لما نزلت ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي «ما يبكيك؟» قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، فقال «صدقت» (٢).

ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت «إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء».

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية؟ قال: قوله ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله ، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله : عشية عرفة في يوم جمعة.

ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به. ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم به. ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري، عن قيس، عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: والله إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا. فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله حيث أنزلت: يوم عرفة، وأنا والله بعرفة، قال سفيان: وأشك، كان يوم الجمعة أم لا ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الآية (٤).

وشك سفيان إن كان في الرواية، فهو تورع حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) مسند أحمد ١/ ٢٨.
(٤) صحيح البخاري (تفسير سورة المائدة باب ١)

<<  <  ج: ص:  >  >>