للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعك مني؟ قال: «الله ﷿». قال الأعرابي، مرتين أو ثلاثا: من يمنعك مني؟ والنبي يقول «الله». قال: فشام (١) الأعرابي السيف، فدعا النبي أصحابه، فأخبرهم خبر الأعرابي، وهو جالس إلى جنبه، ولم يعاقبه، وقال معمر: كان قتادة يذكر نحو هذا، ويذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا برسول الله فأرسلوا هذا الأعرابي، وتأول ﴿اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ الآية (٢)، وقصة هذا الأعرابي وهو غورث بن الحارث ثابتة في الصحيح.

وقال العوفي، عن ابن عباس في هذه الآية ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾ وذلك أن قوما من اليهود صنعوا لرسول الله ولأصحابه طعاما ليقتلوهم، فأوحى الله إليه بشأنهم، فلم يأت الطعام وأمر أصحابه فأتوه (٣)، رواه ابن أبي حاتم. وقال أبو مالك: نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه حين أرادوا أن يغدروا بمحمد وأصحابه في دار كعب بن الأشرف، رواه ابن أبي حاتم. وذكر محمد بن إسحاق بن يسار ومجاهد وعكرمة وغير واحد، أنها نزلت في شأن بني النضير حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله الرحى، لما جاءهم يستعينهم في دية العامريين، ووكلوا عمرو بن جحاش بن كعب بذلك، وأمروه إن جلس النبي تحت الجدار واجتمعوا عنده أن يلقي تلك الرحى من فوقه، فأطلع الله النبي على ما تمالئوا عليه، فرجع إلى المدينة وتبعه أصحابه، فأنزل الله في ذلك هذه الآية (٤). وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ يعني من توكل على الله كفاه الله ما أهمه، وحفظه من شر الناس وعصمه، ثم أمر رسول الله أن يغدو إليهم، فحاصرهم حتى أنزلهم فأجلاهم.


(١) شام سيفه: أغمده.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٤٨٧.
(٣) في الدر المنثور للسيوطي: «فلم يأتوه» وهو الصواب.
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>