للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار أي من تحت أشجارها وغرفها، وقد جاء في الحديث: أن أنهارها تجري في غير أخدود، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف، ولا منافاة بينها فطينها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر، نسأل الله من فضله إنه هو البر الرحيم. وقال ابن أبي حاتم: قرئ على الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن ثوبان عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «أنهار الجنة تفجر تحت تلال أو من تحت جبال المسك» وقال أيضا: حدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق، قال: قال عبد الله: أنهار الجنة تفجر من جبل المسك.

وقوله تعالى: ﴿كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ﴾ قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة (قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل)، قال: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم نصره ابن جرير (١)، وقال عكرمة ﴿قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ﴾ قال: معناه مثل الذي كان بالأمس، وكذا قال الربيع بن أنس. وقال مجاهد: يقولون ما أشبهه به. قال ابن جرير: وقال آخرون: بل تأويل ذلك: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا، لشدة مشابهة بعضه بعضا (٢) لقوله تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً﴾. قال سنيد بن داود حدثنا شيخ من أهل المصيصة (٣) عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: يؤتى أحدهم بالصفحة من الشيء فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول:

هذا الذي أتينا به من قبل، فتقول الملائكة: كل فاللون واحد والطعم مختلف (٤). وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير، قال:

عشب الجنة الزعفران وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها، ثم يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي أتيتمونا آنفا به، فتقول لهم الوالدان: كلوا فاللون واحد والطعم مختلف، وهو قول الله تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً﴾. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً﴾ قال: يشبه بعضه بعضا، ويختلف في الطعم. قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك. وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة، عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة في قوله تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً﴾ يعني في اللون والمرأى وليس يشتبه في


(١) الطبري ١/ ٢٠٦.
(٢) أضاف الطبري: «ومن علة قائلي هذا القول أن ثمار الجنة كلما نزع منها شيء عاد مكانه آخر مثله».
(٣) المصيصة: مدينة من ثغور بلاد الشام بين انطاكية وبلاد الروم.
(٤) الطبري ١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>