رسول الله ﷺ«الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة والخنازير» هذا حديث غريب جدا.
وقوله تعالى: ﴿وَعَبَدَ الطّاغُوتَ﴾ قرئ: وعبد الطاغوت على أنه فعل ماض، والطاغوت منصوب به، أي وجعل منهم من عبد الطاغوت، وقرئ: وعبد الطاغوت بالإضافة على أن المعنى وجعل منهم خدم الطاغوت، أي خدامه وعبيده، وقرئ: وعبد الطاغوت على أنه جمع الجمع عبد وعبيد وعبد مثل ثمار وثمر، حكاها ابن جرير (١) عن الأعمش، وحكي عن بريدة الأسلمي أنه كان يقرؤها وعابد الطاغوت، وعن أبي وابن مسعود: وعبدوا، وحكى ابن جرير عن أبي جعفر القارئ أنه كان يقرؤها: وعبد الطاغوت على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، ثم استبعد معناها، والظاهر أنه لا بعد في ذلك، لأن هذا من باب التعريض بهم، أي وقد عبد الطاغوت فيكم وأنتم الذين فعلتموه، وكل هذه القراءات يرجع معناها إلى أنكم يا أهل الكتاب الطاعنين في ديننا والذي هو توحيد الله وإفراده بالعبادات دون ما سواه، كيف يصدر منكم هذا، وأنتم قد وجد منكم جميع ما ذكر؟ ولهذا قال ﴿أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً﴾ أي مما تظنون بنا ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر مشاركة، كقوله ﷿: ﴿أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ وهذه صفة المنافقين منهم أنهم يصانعون المؤمنين في الظاهر وقلوبهم منطوية على الكفر، ولهذا قال ﴿وَقَدْ دَخَلُوا﴾ أي عندك يا محمد ﴿بِالْكُفْرِ﴾ أي مستصحبين الكفر في قلوبهم، ثم خرجوا وهو كامن فيها لم ينتفعوا بما قد سمعوا منك من العلم، ولا نجعت فيهم المواعظ ولا الزواجر ولهذا قال ﴿وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ فخصهم به دون غيرهم، وقوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ﴾ أي والله عالم بسرائرهم وما تنطوي عليه ضمائرهم، وإن أظهروا لخلقه خلاف ذلك، وتزينوا بما ليس فيهم، فإن الله عالم الغيب والشهادة أعلم بهم منهم، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء وقوله ﴿وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ أي يبادرون إلى ذلك من تعاطي المآثم والمحارم والاعتداء على الناس وأكلهم أموالهم بالباطل، ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾، أي لبئس العمل كان عملهم، وبئس الاعتداء اعتداؤهم.
وقوله تعالى: ﴿لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾ يعني هلا كان ينهاهم الربانيون والأحبار عن تعاطي ذلك، والربانيون هم العلماء العمال أرباب الولايات عليهم، والأحبار هم العلماء فقط ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾ يعني من تركهم ذلك، قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال لهؤلاء حين لم ينهوا ولهؤلاء حين عملوا، قال: وذلك الأمر كان، قال: ويعملون