للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قالوا: انتهينا ربنا. وقال الناس: يا رسول الله، ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فرشهم، كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان، فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ إلى آخر الآية، فقال النبي «لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم» انفرد به أحمد.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب أنه قال لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في البقرة ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في سورة النساء ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى﴾ فكان منادي رسول الله إذا قال: حي على الصلاة، نادى: لا يقربن الصلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ قول الله تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ قال عمر: انتهينا. وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عمر بن عبد الله السبيعي، وعن أبي ميسرة واسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني، عن عمر به، وليس له عنه سواه، قال أبو زرعة: ولم يسمع منه.

وصحح هذا الحديث علي بن المديني والترمذي. وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على منبر رسول الله : أيها الناس، إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل (٢). وقال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدثني نافع عن ابن عمر قال: نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب (٣).

حديث آخر قال أبو داود الطيالسي: حدثنا محمد بن أبي حميد، عن المصري يعني أبا طعمة قارئ مصر، قال: سمعت ابن عمر يقول: نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ الآية، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله، دعنا ننتفع بها كما قال الله تعالى، قال: فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى﴾ فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت


(١) راجع تفسير الآية ٢١٩ من سورة البقرة.
(٢) صحيح البخاري (تفسير سورة المائدة باب ١٠ وأشربة باب ٣) وصحيح مسلم (تفسير حديث ٣٢ و ٣٣)
(٣) صحيح البخاري (تفسير سورة المائدة باب ١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>