للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله بعثا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة وأنا فيهم، قال فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش، فجمع ذلك كله فكان مزودي تمر، قال: فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، فقال: فقد وجدنا فقدها حين فنيت، قال: ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظرب (١)، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت ومرت تحتهما، فلم تصبهما، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وله طرق عن جابر (٢).

وفي صحيح مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر، فإذا على ساحل البحر مثل الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا بدابة يقال لها العنبر، قال: قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله ، وقد اضطررتم فكلوا، قال: فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن، ويقتطع منه الفدر كالثور، قال: ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينيه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا، فمر من تحته، وتزودنا من لحمه وشائق، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله فذكرنا ذلك له، فقال «هو رزق أخرجه الله لكم هل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟» قال فأرسلنا إلى رسول الله منه، فأكله.

وفي بعض روايات مسلم أنهم كانوا مع النبي حين وجدوا هذه السمكة، فقال بعضهم:

هي واقعة أخرى، وقال بعضهم: بل هي قضية واحدة، ولكن كانوا أولا مع النبي ، ثم بعثهم سرية مع أبي عبيدة فوجدوا هذه في سريتهم تلك مع أبي عبيدة، والله أعلم. وقال مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق: أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله ، فقال، يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وقد روى هذا الحديث الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل وأهل السنن الأربع، وصححه البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم، وقد روي عن جماعة من الصحابة عن النبي بنحوه (٣).

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة من طرق عن حماد بن سلمة، حدثنا


(١) الظرب: الجبل الصغير.
(٢) موطأ مالك (كتاب صفة النبي حديث ٢٤) وصحيح البخاري (شركة باب ١) وصحيح مسلم (صيد حديث ١٧ - ٢١)
(٣) سنن أبي داود (طهارة باب ٤١) وسنن الترمذي (طهارة باب ٥٢). وسنن النسائي (طهارة باب ٤٦ ومياه باب ٤) وسنن ابن ماجة (طهارة باب ٣٨ وصيد باب ١٨) ومسند أحمد ٢/ ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>