للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحد والاثنين فخلق الأرض على حوت، والحوت هو [النون] (١) الذي ذكره الله في القرآن ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ والحوت في الماء، والماء على ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرة، والصخرة في الريح، وهي الصخرة التي ذكر لقمان، ليست في السماء ولا في الأرض، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض فأرسى عليها الجبال فقرت فالجبال تفخر على الأرض فذلك قوله تعالى ﴿وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النحل: ١٥] وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين في الثلاثاء والأربعاء وذلك حين يقول ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها﴾ [فصلت: ٩ - ١٠] يقول أنبت شجرها ﴿وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها﴾ لأهلها ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ﴾ [فصلت: ١٠] يقول: لمن يسألك: هكذا الأمر ﴿ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ﴾ [فصلت: ١١] وذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين في الخميس والجمعة، إنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض، وأوحى في كل سماء أمرها قال: خلق الله في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار والجبال والبرد ومما لا يعلم، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة حفظا تحفظ من الشياطين، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش فذلك حيث يقول ﴿خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤] ويقول ﴿كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠] وقال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا عبد الله بن صالح حدثني أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن سلام أنه قال: إن الله بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد والاثنين، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء، وخلق السموات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم على عجل، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة (٢).

وقال مجاهد في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾ قال خلق الله الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها دخان فذلك حين يقول: ﴿ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ﴾ … ﴿فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ﴾ قال: بعضهن فوق بعض وسبع أرضين يعني بعضها تحت بعض. وهذه الآية دالة على أن الأرض خلقت قبل السماء كما قال في سورة السجدة: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ﴾.


(١) الزيادة من الطبري ١/ ٢٣١.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>