للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يونس بن أبي إسحاق قال: قال الشعبي أرسل إليّ عبد الحميد بن عبد الرحمن وعنده أبو الزناد عبد الله بن ذكوان مولى قريش فإذا هما قد ذكرا من أصحاب الأعراف ذكرا ليس كما ذكرا فقلت لهما: إن شئتما أنبأتكما بما ذكر حذيفة فقالا هات فقلت إن حذيفة ذكر أصحاب الأعراف فقال: هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار وقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة ﴿وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ربك فقال لهم اذهبوا فادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم.

وقال عبد الله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي قال: قال سعيد بن جبير وهو يحدث ذلك عن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار ثم قرأ قول الله: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ﴾ الآيتين، ثم قال: الميزان يخف بمثقال حبة، ويرجح قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا سلام عليكم وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظروا أهل النار ﴿قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ تعوذوا بالله من منازلهم قال: فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ويعطى كل عبد يومئذ نورا وكل أمة نورا فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا ﴿رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا﴾ وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان بأيديهم فلم ينزع فهنالك يقول الله تعالى: ﴿لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ فكان الطمع دخولا.

قال: فقال ابن مسعود: إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة ثم يقول: هلك من غلبت واحدته أعشاره. رواه ابن جرير (١) وقال أيضا (٢): حدثني ابن وكيع وابن حميد قالا: حدثنا جرير عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: الأعراف السور الذي بين الجنة والنار وأصحاب الأعراف بذلك المكان حتى إذا بدا الله أن يعافيهم انطلق بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة حافتاه قصب الذهب مكلل باللؤلؤ ترابه المسك فألقوا فيه حتى تصلح ألوانهم وتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها حتى إذا صلحت ألوانهم أتى بهم الرحمن فقال: تمنوا ما شئتم، فيتمنون حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعون ضعفا، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها يسمون مساكين أهل الجنة، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن يحيى بن المغيرة عن جرير به، وقد رواه سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت عن مجاهد وعن عبد الله بن الحارث من قوله وهذا أصح والله أعلم.


(١) تفسير الطبري ٥/ ٤٩٩.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>