للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لقومك من هذا السحاب فقال: اخترت هذه السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء فناداه مناد اخترت رمادا رمددا، لا تبقي من عاد أحدا لا والدا تترك ولا ولدا، إلا جعلته همدا، إلا بني اللوذية المهندا، قال وبنو اللوذية بطن من عاد يقيمون بمكة فلم يصبهم ما أصاب قومهم قال وهم من بقي من أنسالهم وذراريهم عاد الآخرة.

قال: وساق الله السحابة السوداء فيما يذكرون التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث فلما رأوها استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا يقول ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥] أي تهلك كل شيء مرت به فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها مميد فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت فلما أفاقت قالوا ما رأيت يا مميد؟ قالت ريحا فيها شبه النار أمامها رجال يقودونها فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما كما قال الله تعالى. والحسوم الدائمة فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك، واعتزل هود فيما ذكر لي ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن معه إلا ما تلين عليه الجلود وتلذ الأنفس وإنها لتمر على عاد بالظعن ما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة (١).

وذكر تمام القصة بطولها وهو سياق غريب فيه فوائد كثيرة وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [هود: ٥٨].

وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قريب مما أورده محمد بن إسحاق بن يسار .

قال الإمام أحمد (٢) حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله فمررت بالربذة فإذا بعجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي:

يا عبد الله إن لي إلى رسول الله حاجة هل أنت مبلغي إليه قال فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله وإذا راية سوداء تخفق وإذا بلال متقلد سيفا بين يدي رسول الله فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها قال فجلست فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت وسلمت فقال: هل بينكم وبين تميم شيء قلت:

نعم وكانت لنا الدائرة عليهم.

ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب فأذن لها


(١) الحديث بتمامه في تفسير الطبري ٥/ ٥٢٤، ٥٢٥، ٥٢٦، ٥٢٧.
(٢) المسند ٣/ ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>