للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهة هذه الأمة وجهلتها (١).

وقوله تعالى: ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود حدثنا عكرمة بن عمار عن أبي زميل سماك الحنفي عن ابن عباس قال كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، فيقول النبي : قد، قد، ويقولون: اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. ويقولون غفرانك غفرانك فأنزل الله ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ الآية قال ابن عباس كان فيهم أمانان النبي والاستغفار فذهب النبي وبقي الاستغفار (٢).

وقال ابن جرير (٣): حدثني الحارث حدثني عبد العزيز حدثنا أبو معشر عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا: قالت قريش بعضها لبعض محمد أكرمه الله من بيننا ﴿اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا غفرانك اللهم. فأنزل الله ﴿وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ﴾ -إلى قوله- ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ يقول: ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ثم قال ﴿وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يقول وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان وهو الاستغفار يستغفرون يعني يصلون يعني بهذا أهل مكة (٤).

وروي عن مجاهد وعكرمة وعطية والعوفي وسعيد بن جبير والسدي نحو ذلك. وقال الضحاك وأبو مالك ﴿وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يعني المؤمنين الذين كانوا بمكة، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عبد الغفار بن داود حدثنا النضر بن عربي قال: قال ابن عباس: إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين مجارين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله إليه وأمان بقي فيكم، قوله ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وقال أبو صالح عبد الغفار: حدثني بعض أصحابنا أن النضر بن عدي حدثه هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس. وروى ابن مردويه وابن جرير عن أبي موسى الأشعري نحوا من هذا. وكذا روي عن قتادة وأبي العلاء النحوي المقرئ.

وقال الترمذي (٥): حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا ابن نمير عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عباد بن يوسف عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله


(١) تفسير الطبري ٦/ ٢٣١.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٢٣٣.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٢٣٣، ٢٣٤.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ٢٣٣.
(٥) كتاب التفسير، تفسير سورة ٨، باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>