للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقية من مال كان معي فقال رسول الله «لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك» ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه فأنزل الله ﷿ ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قال العباس فأعطاني الله مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله ﷿.

وقد روى ابن إسحاق أيضا عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية بنحو مما تقدم. وقال أبو جعفر بن جرير (١): حدثنا ابن وكيع حدثنا ابن إدريس عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال العباس: فيّ نزلت ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ فأخبرت النبي بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي أخذت مني فأبى فأبدلني الله بها عشرين عبدا كلهم تاجر مالي في يده، وقال ابن إسحاق أيضا حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال كان العباس بن عبد المطلب يقول في نزلت والله حين ذكرت لرسول الله إسلامي ثم ذكر نحو الحديث كالذي قبله.

وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى﴾ عباس وأصحابه قال: قالوا للنبي : آمنا بما جئت به ونشهد أنك رسول الله لننصحن لك على قومنا. فأنزل الله ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ إيمانا وتصديقا يخلف لكم خيرا مما أخذ منكم ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ الشرك الذي كنتم عليه قال فكان العباس يقول ما أحب أن هذه الآية لم تنزل فينا وإن لي الدنيا لقد قال ﴿يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ فقد أعطاني خيرا مما أخذ مني مائة ضعف وقال ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ وأرجو أن يكون قد غفر لي (٢).

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية كان العباس أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب فقال العباس حين قرئت هذه الآية لقد أعطاني الله ﷿ خصلتين ما أحب أن لي بهما الدنيا: إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فآتاني أربعين عبدا وإني لأرجو المغفرة التي وعدنا الله ﷿ (٣). وقال قتادة في تفسير هذه الآية: ذكر لنا أن رسول الله لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا وقد توضأ لصلاة الظهر فما أعطى يومئذ شاكيا ولا حرم سائلا وما صلى يومئذ حتى فرقه، فأمر العباس أن يأخذ منه ويحتثي فكان العباس


(١) تفسير الطبري ٦/ ٢٩٢.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٢٩٢، ٢٩٣.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>