للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الله تعالى في كتابه العزيز ﴿كَلاّ إِنَّها لَظى نَزّاعَةً لِلشَّوى﴾ [المعارج: ١٥ - ١٦] وقال تعالى: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: ١٩ - ٢٢] وقال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ﴾ [النساء: ٥٦] وقال تعالى في هذه الآية الكريمة ﴿قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ﴾ أي لو أنهم يفقهون ويفهمون لنفروا مع الرسول في سبيل الله في الحر ليتقوا به من حر جهنم الذي هو أضعاف أضعاف هذا ولكنهم كما قال الآخر: [البسيط] كالمستجير من الرمضاء بالنار (١) وقال الآخر: [البسيط] عمرك بالحمية أفنيته … خوفا من البارد والحار

وكان أولى لك أن تتقي … من المعاصي حذر النار

ثم قال تعالى متوعدا هؤلاء المنافقين على صنيعهم هذا: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً﴾ الآية، قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله ﷿ استأنفوا بكاء لا ينقطع أبدا، وكذا قال أبو رزين والحسن وقتادة والربيع بن خثيم وعون العقيلي وزيد بن أسلم، وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا.

عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش، حدثنا محمد بن جبير عن ابن المبارك عن عمران بن زيد، حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: «يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون، فلو أن سفنا أزجيت فيها لجرت» (٢) ورواه ابن ماجة من حديث الأعمش عن يزيد الرقاشي به.

وقال الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عباس، حدثنا حماد الجزري عن زيد بن رفيع رفعه، قال: إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا الدموع زمانا ثم بكوا القيح زمانا، قال: فتقول لهم الخزنة يا معشر الأشقياء تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا هل تجدون اليوم من تستغيثون به؟ قال: فيرفعون أصواتهم يا أهل الجنة يا معشر الآباء والأمهات والأولاد خرجنا من القبور عطاشا وكنا طول الموقف عطاشا ونحن


(١) يروى البيت بتمامه: والمستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الدعصاء بالنار وهو لابن دريد في تاج العروس (دعص)، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب (دعص)، وجمهرة اللغة ص ٦٥٣.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الإقامة باب ١٧٦، والزهد باب ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>