للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البقرة: ٢١٠] وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر. قال ابن عباس وكان معهم في التيه (١).

وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ﴾ اختلفت عبارات المفسرين في المن ما هو؟ فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان المن ينزل عليهم على الأشجار، فيغدون إليه، فيأكلون منه ما شاؤوا. وقال مجاهد: المن: صمغة، وقال عكرمة: المن: شيء أنزله الله عليهم مثل الطل شبه الرّب الغليظ، وقال السدي، قالوا: يا موسى، كيف لنا بما هاهنا، أي الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان يسقط على شجرة الزنجبيل، وقال قتادة: كان المن ينزل عليهم في محلهم سقوط الثلج أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، يسقط عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يأخذ الرجل منهم قدر ما يكفيه يومه ذلك، فإذا تعدى ذلك فسد ولم يبق، حتى كان يوم سادسه يوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عيد لا يشخص فيه لأمر معيشته ولا يطلبه لشيء، وهذا كله في البرية. وقال الربيع بن أنس: المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه. وقال وهب بن منبه، وسئل عن المن، فقال:

خبز رقاق مثل الذرة أو مثل النقي، وقال أبو جعفر بن جرير حدثني محمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد حدثنا إسرائيل عن جابر عن عامر، وهو الشعبي، قال: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءا من المن، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أنه العسل، ووقع في شعر أمية بن أبي الصلت حيث قال: [الخفيف] فرأى الله أنهم بمضيع … لا بذي مزرع ولا مثمورا

فسناها عليهم غاديات … وترى مزنهم خلايا وخورا

عسلا ناطفا وماء فراتا … وحليبا ذا بهجة مزمورا (٢)

فالناطف هو السائل والحليب المزمور الصافي منه، والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن، فمنهم من فسره بالطعام، ومنهم من فسره بالشراب، والظاهر، والله أعلم، أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك مما ليس لهم فيه عمل ولا كد، فالمن المشهور إن أكل وحده كان طعاما وحلاوة، وإن مزج مع الماء صار شرابا طيبا، وإن ركب مع


(١) الطبري ١/ ١٣٣.
(٢) كذا أيضا رواية الأبيات الثلاثة في مخطوط تفسير الطبري وفي ديوان أمية بن أبي الصلت ص ٣٤ - ٣٥. وقد اختار محقق طبعة دار المعارف في تفسير الطبري الأستاذ محمود محمد شاكر أن يثبت النصّ التالي، استنادا إلى اجتهاد وتعليل من عنده: رأى الله أنهم بمضيع لا بذي مزرع ولا معمورا نساها عليهم غاويات ومرى مزنهم خلايا وخورا لا ناطفا وماء فراتا وحليبا ذا بهجة مثمورا انظر تفسير الطبري ٢/ ٩٤ - ٩٥، الحواشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>