للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الأسانيد إليه جيدة، وهو لا يتعمد الكذب، وأصل الحديث محفوظ عن رسول الله كما تقدم من رواية سعيد بن زيد .

وأما السلوى، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: السلوى طائر شبه بالسمانى، كانوا يأكلون منه. وقال السدي في خبر، ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة: السلوى طائر يشبه السماني، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عبد الصمد بن الوارث حدثنا قرة بن خالد عن جهضم عن ابن عباس، قال: السلوى هو السماني، وكذا قال مجاهد والشعبي والضحاك والحسن وعكرمة والربيع بن أنس رحمهم الله تعالى. وعن عكرمة: أما السلوى فطير كطير يكون بالجنة أكبر من العصفور أو نحو ذلك. وقال قتادة: السلوى كان من طير أقرب إلى الحمرة تحشرها عليهم الريح الجنوب وكان الرجل يذبح منها قدر ما يكفيه يومه ذلك فإذا تعدى فسد ولم يبق عنده حتى إذا كان يوم سادسه ليوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عبادة لا يشخص فيه لشيء ولا يطلبه. وقال وهب بن منبه: السلوى طير سمين مثل الحمامة كان يأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت. وفي رواية عن وهب قال: سألت بنو إسرائيل موسى لحما فقال الله لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض فأرسل عليهم ريحا فأذرت عند مساكنهم السلوى وهو السماني مثل ميل في ميل قيد رمح إلى السماء فخبأوا للغد فنتن اللحم وخنز (١) الخبز، وقال السدي: لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى : كيف لنا بما هاهنا؟ أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن فكان ينزل على شجر الزنجبيل، والسلوى وهو طائر ليشبه السماني أكبر منه فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير فإن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام. فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا ينخرق لهم ثوب، فذلك قوله تعالى ﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى﴾ [الأعراف: ١٦] وقوله: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: ٦٠] وروي عن وهب بن منبه وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو ما قاله السدي، وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: خلق لهم في التيه ثياب لا تخرق ولا تدرن، قال ابن جريج، فكان الرجل إذا أخذ من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسدا، قال ابن عطية السلوى طير بإجماع المفسرين وقد غلط الهذلي في قوله أنه العسل وأنشد في ذلك مستشهدا: [الطويل]


(١) خنز الخبز: أنتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>