للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب إيلياء بيت المقدس. وحكى الرازي عن بعضهم أنه عني بالباب جهة من جهات القبلة، وقال خصيف قال عكرمة قال ابن عباس: فدخلوا على شق (١)، وقال السدي عن أبي سعيد الأزدي عن أبي الكنود عن عبد الله بن مسعود: قيل لهم ادخلوا الباب سجّدا فدخلوا مقنعي رؤوسهم أي رافعي رؤوسهم خلاف ما أمروا.

وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ قال الثوري عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ قال: مغفرة استغفروا. وروي عن عطاء والحسن وقتادة والربيع بن أنس نحوه، وقال الضحاك عن ابن عباس ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ قال: قولوا: هذا الأمر حق، كما قيل لكم. وقال عكرمة: قولوا: ﴿لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ﴾ وقال الأوزاعي: كتب ابن عباس إلى رجل قد سماه فسأله عن قوله تعالى ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ فكتب إليه: أن أقروا بالذنب. وقال الحسن وقتادة أي أحطط عنا خطايانا ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ وقال: هذا جواب الأمر أي إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضاعفنا لكم الحسنات.

وحاصل الأمر أنهم أمروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وأن يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة إلى ذلك من المحبوب عند الله تعالى كما قال تعالى: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً﴾ فسره بعض الصحابة بكثرة الذكر والاستغفار عند الفتح والنصر، وفسره ابن عباس بأنه نعي إلى رسول الله أجله فيها وأقره على ذلك عمر ، ولا منافاة بين أن يكون قد أمر بذلك عند ذلك ونعي إليه روحه الكريمة أيضا، ولهذا كان يظهر عليه الخضوع جدا عند النصر كما روي أنه كان يوم الفتح فتح مكة داخلا إليها من الثنية العليا وأنه لخاضع لربه حتى أن عثنونه ليمس مورك رحله (٢) شكرا لله على ذلك، ثم لما دخل البلد اغتسل وصلى ثماني ركعات وذلك ضحى، فقال بعضهم: هذه صلاة الضحى، وقال آخرون بل هي صلاة الفتح فاستحبوا للإمام وللأمير إذا فتح بلدا أن يصلي فيه ثماني ركعات عند أول دخوله كما فعل سعد بن أبي وقاص لما دخل إيوان كسرى صلى فيه ثماني ركعات، والصحيح أنه يفصل بين كل ركعتين بتسليم، وقيل يصليها كلها بتسليم واحد، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ قال البخاري (٣): حدثني محمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله


(١) أي على جهد ومشقّة.
(٢) العثنون: اللحية. ومورك الرحل: المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل، يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب.
(٣) صحيح البخاري (تفسير سورة ٧ باب ٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>