للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلسان بني هاشم (١)، وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم الحنطة، وقال سفيان الثوري عن ابن جريج عن مجاهد وعطاء ﴿وَفُومِها﴾ قالا: وخبزها، وقال هشيم عن يونس عن الحسين وحصين عن أبي مالك ﴿وَفُومِها﴾ قال: الحنطة، وهو قول عكرمة والسدي والحسن البصري وقتادة وعبد الرحمن بن يزيد بن أسلم وغيرهم، فالله أعلم، وقال الجوهري: الفوم: الحنطة، وقال ابن دريد: الفوم: السنبلة، وحكى القرطبي عن عطاء وقتادة:

أن الفوم كل حب يختبز (٢). قال: وقال بعضهم: هو الحمص، لغة شامية، ومنه يقال لبائعه:

فامي، مغير عن فومي، قال البخاري: وقال بعضهم: الحبوب التي تؤكل كلها فوم.

وقوله تعالى: ﴿قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ فيه تقريع لهم وتوبيخ على ما سألوا من هذه الأطعمة الدنيئة مع ما هم فيه من العيش الرغيد والطعام الهنيء الطيب النافع، وقوله تعالى: ﴿اِهْبِطُوا مِصْراً﴾ هكذا هو منون مصروف، مكتوب بالألف في المصاحف الأئمة العثمانية وهو قراءة الجمهور بالصرف. وقال ابن جرير: ولا أستجيز القراءة بغير ذلك لإجماع المصاحف على ذلك. وقال ابن عباس ﴿اِهْبِطُوا مِصْراً﴾ قال: مصر من الأمصار، رواه ابن أبي حاتم من حديث أبي سعيد البقال سعيد بن المرزبان عن عكرمة عنه قال: وروي عن السدي وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك، وقال ابن جرير: وقع في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود ﴿اِهْبِطُوا مِصْراً﴾ من غير إجراء، يعني من غير صرف ثم روي عن أبي العالية والربيع بن أنس أنهما فسرا ذلك بمصر فرعون، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبي العالية والربيع وعن الأعمش أيضا وقال ابن جرير: ويحتمل أن يكون المراد: مصر فرعون على قراءة الإجراء أيضا. ويكون ذلك من باب الإتباع لكتابة المصحف كما في قوله تعالى: ﴿قَوارِيرَا قَوارِيرَا﴾ [الإنسان: ١٥ - ١٦] ثم توقف في المراد ما هو أمصر فرعون أم مصر من الأمصار؟ وهذا الذي قاله فيه نظر، والحق أن المراد: مصر من الأمصار كما روي عن ابن عباس وغيره، والمعنى على ذلك لأن موسى يقول لهم: هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير في أي بلد دخلتموها وجدتموه، فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه. ولهذا قال:

﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ﴾ أي ما طلبتم، ولما كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه لم يجابوا إليه والله أعلم.

يقول تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ أي وضعت عليهم وألزموا بها شرعا وقدرا


(١) الطبري ١/ ٣٥٢.
(٢) القرطبي ١/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>