للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شواربكم، ولا تستاكون. ثم قرأ ﴿وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ إلى آخر الآية. وقد قال الطبراني:

حدثنا أبو عامر النحوي، حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا إسماعيل بن عياش، أخبرني ثعلبة بن مسلم عن أبي كعب مولى ابن عباس، عن ابن عباس عن النبي أن جبرائيل أبطأ عليه فذكر له ذلك، فقال: وكيف وأنتم لا تستنون، ولا تقلمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون رواجبكم؟ (١) وهكذا رواه الإمام أحمد (٢) عن أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش عن ابن عباس بنحوه.

وقال الإمام احمد (٣): حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار، حدثني شيخ من أهل المدينة عن أم سلمة قالت: قال لي رسول الله :

«أصلحي لنا المجلس فإنه ينزل ملك إلى الأرض لم ينزل إليها قط».

وقوله: ﴿لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا﴾ قيل: المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا، وما خلفنا أمر الآخرة، ﴿وَما بَيْنَ ذلِكَ﴾ ما بين النفختين، هذا قول أبي العالية وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة في رواية عنهما، والسدي والربيع بن أنس، وقيل: ﴿ما بَيْنَ أَيْدِينا﴾ ما يستقبل من أمر الآخرة ﴿وَما خَلْفَنا﴾ أي ما مضى من الدنيا ﴿وَما بَيْنَ ذلِكَ﴾ أي ما بين الدنيا والآخرة، ويروى نحوه عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن جريج والثوري، واختاره ابن جرير أيضا، والله اعلم.

وقوله: ﴿وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ قال مجاهد معناه ما نسيك ربك (٤)، وقد تقدم عنه أن هذه الآية كقوله: ﴿وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى﴾ [الضحى: ١ - ٣]. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي، حدثنا محمد بن عثمان يعني أبا الجماهر، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء يرفعه قال «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا» ثم تلا هذه الآية ﴿وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ (٥).

وقوله: ﴿رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما﴾ أي خالق ذلك ومدبره والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هل تعلم للرب مثلا أو شبيها، وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير


(١) الرواجب: ما بين عقد الأصابع من داخل، واحدها: راجبة.
(٢) المسند ١/ ٢٤٣.
(٣) المسند ٦/ ٢٩٦.
(٤) انظر تفسير الطبري ٨/ ٣٦١.
(٥) انظر الدر المنثور ٤/ ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>