للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه (١)، وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشمائل، وعن ابن عباس قال: جاء رجل فقال:

يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، قال ابن عباس: فقرأ رسول الله :

سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة (٢)، رواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه.

وقوله: ﴿وَالدَّوَابُّ﴾ أي الحيوانات كلها، وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد أن رسول الله ، نهى عن اتخاذ ظهور الدواب منابر (٣)، فرب مركوبة خير وأكثر ذكرا لله تعالى من راكبها.

وقوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ﴾ أي يسجد لله طوعا مختارا متعبدا بذلك ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ﴾ أي ممن امتنع وأبى واستكبر ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن شيبان الرملي، حدثنا القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: قيل لعلي: إن هاهنا رجلا يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله كما يشاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء. قال: فيمرضك إذ شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيدخلك حيث يشاء أو حيث شاء؟ قال: بل حيث يشاء. قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» (٤) رواه مسلم.

وقال الإمام أحمد (٥): حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم وأبو عبد الرحمن المقرئ قالا:

حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا مشرح بن هاعان أبو مصعب المعافري قال: سمعت عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال «نعم فمن


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ١٢٢.
(٢) أخرجه الترمذي في الجمعة باب ٥٥، والدعوات باب ٣٣، وابن ماجة في الإقامة باب ٧٠.
(٣) أخرجه أبو داود في الجهاد باب ٥٥.
(٤) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ١٣٣، وابن ماجة في الإقامة باب ٧٠، وأحمد في المسند ٦/ ٤٠٠.
(٥) المسند ٤/ ١٥١، ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>