للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزهرة، والله أعلم (١).

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا مسلم أخبرنا القاسم بن الفضل الحذائي أخبرنا يزيد يعني الفارسي عن ابن عباس: أن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي، فقالوا: يا رب أهل الأرض كانوا يعملون بالمعاصي، فقال الله: أنتم معي وهم في غيب عني، فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثة فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض، وجعل فيهم شهوة الآدميين، فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولا يقتلوا نفسا ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن، فاستقال منهم واحد فأقيل، فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها: مناهية فهوياها جميعا، ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها فقالت لهما: لا حتى تشربا خمري، وتقتلا ابن جاري، وتسجدا لوثني، فقالا: لا نسجد ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا، فأشرف أهل السماء عليهما، وقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما، فأخبراها فطارت، فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة، وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض، وهذا السياق فيه زيادة كثيرة وإغراب ونكارة، والله أعلم بالصواب.

وقال عبد الرزاق: قال معمر قال قتادة والزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ﴿وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ﴾ كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس، وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فحاكمت إليهما امرأة فخافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك، ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا. قال معمر: قال قتادة فكانا يعلمان الناس السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر.

وقال أسباط عن السدي أنه قال (٢): كان من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم، فقيل لهما: إني أعطيت بني آدم عشرا من الشهوات فبها يعصونني، قال هاروت وماروت: ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل. فقال لهما: انزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر فاحكما بين الناس، فنزلا ببابل ديناوند، فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا فإذا أصبحا هبطا، فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها فأعجبهما حسنها واسمها بالعربية الزهرة، وبالنبطية بيدخت (٣)، وبالفارسية ناهيد، فقال أحدهما لصاحبه: إنها


(١) وقال ابن كثير في البداية والنهاية ١/ ٣٣: فهذا أظنّه من وضع الإسرائيليين وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية والتحدث عن بني إسرائيل … وإذا أحسنا الظن قلنا هذا من أخبار بني إسرائيل ومن خرافاتهم التي لا يعوّل عليها.
(٢) الأثر في تفسير الطبري ١/ ٥٠٢.
(٣) في الطبري «بيذخت» و «أناهيذ» كلاهما بالذال المعجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>