للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال.

وقد ورد في ذلك أثر غريب وسياق عجيب في ذلك، أحببنا أن ننبه عليه، قال الإمام أبو جعفر بن جرير (١) رحمه الله تعالى: أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي أنها قالت: قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل (٢) جاءت تبتغي رسول الله بعد موته حداثة (٣) ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به، وقالت عائشة لعروة: يا ابن أختي، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله فيشفيها، فكانت تبكي حتى إني لأرحمها، وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت، كان لي زوج فغاب عني فدخلت عليّ عجوز فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر، فلم يكن لشيء (٤) حتى وقفنا ببابل وإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ قلت: أتعلم السحر، فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري فارجعي، فأبيت وقلت: لا، قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت ففزعت ولم أفعل فرجعت إليهما فقالا: أفعلت؟ فقلت:

نعم، فقالا: هل رأيت شيئا؟ فقلت: لم أر شيئا، فقالا لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فأربيت (٥) وأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت، ثم رجعت إليهما وقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: لم أر شيئا، فقالا: كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك، ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأربت وأبيت، فقالا: اذهبي إلى التنور فبولي فيه، فذهبت إليه فبلت فيه فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه، فجئتهما فقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه، فقالا: صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي، فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئا وما قالا لي شيئا، فقالت: لن لم تريدي شيئا إلا كان، خذي هذا القمح فابذري، فبذرت وقلت: اطلعي فأطلعت، وقلت: احقلي فأحقلت، ثم قلت: افركي


(١) تفسير الطبري ١/ ٥٠٦.
(٢) قال ابن خرداذبة في المسالك والممالك (ص ١١٣): هي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة، ومن الكوفة على عشر مراحل، ومن دمشق على عشر مراحل.
(٣) أي عقيبه.
(٤) في الطبري «كشيء».
(٥) أربّ بالمكان: لزمه ولم يبرحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>