وقال علي بن الحسين زين العابدين ﴿يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾ قال: في الآخرة، وقال مكحول: يغفرها لهم فيجعلها حسنات، رواهما ابن أبي حاتم، وروى ابن جرير عن سعيد بن المسيب مثله. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو جابر، أنه سمع مكحولا يحدث قال: جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه، فقال: يا رسول الله، رجل غدر وفجر ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطفها بيمينه، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل له من توبة؟ فقال له رسول الله ﷺ«أأسلمت؟» فقال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فقال النبي «فإن الله غافر لك ما كنت كذلك، ومبدل سيئاتك حسنات» فقال:
يا رسول الله وغدراتي وفجراتي؟ فقال «وغدراتك وفجراتك» فولى الرجل يهلل ويكبر.
وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة عن صفوان بن عمر عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي فروة شطب أنه أتى رسول الله ﷺ، فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة، فهل له من توبة؟ فقال «أسلمت؟» فقال: نعم، قال:«فافعل الخيرات واترك السيئات، فيجعلها الله لك خيرات كلها» قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال «نعم» فما زال يكبر حتى توارى.
ورواه الطبراني من طريق أبي فروة الرهاوي عن ياسين الزيات، عن أبي سلمة الحمصي عن يحيى بن جابر عن سلمة بن نفيل مرفوعا. وقال أيضا: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عيسى بن شعيب بن ثوبان عن فليح الشماس عن عبيد بن أبي عبيد، عن أبي هريرة ﵁ قال: جاءتني امرأة فقالت: هل لي من توبة؟ إني زنيت، وولدت وقتلته، فقلت: لا، ولا نعمت العين ولا كرامة، فقامت وهي تدعو بالحسرة، ثم صليت مع النبي ﷺ الصبح، فقصصت عليه ما قالت المرأة وما قلت لها، فقال رسول الله ﷺ«بئسما قلت، أما كنت تقرأ هذه الآية؟» ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ﴾ -إلى قوله- ﴿إِلاّ مَنْ تابَ﴾ الآية، فقرأتها عليها، فخرت ساجدة وقالت: الحمد لله الذي جعل لي مخرجا، هذا حديث غريب من هذا الوجه، وفي رجاله من لا يعرف، والله أعلم.
وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي بسنده بنحوه، وعنده: فخرجت تدعو بالحسرة وتقول: يا حسرتا أخلق هذا الحسن للنار؟ وعنده أنه لما رجع من عند رسول الله ﷺ، تطلّبها في جميع دور المدينة فلم يجدها، فلما كان من الليلة المقبلة جاءته، فأخبرها بما قال له رسول الله ﷺ فخرت ساجدة وقالت: الحمد لله الذي جعل لي مخرجا وتوبة مما عملت، وأعتقت جارية كانت معها وابنتها، وتابت إلى الله ﷿.
ثم قال تعالى مخبرا عن عموم رحمته بعباده، وأنه من تاب إليه منهم تاب عليه من أي ذنب