للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِبَارِ، فَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ، فإنه لَا يَضُرُّهُ وَيَنْقَلِبُ حَسَنَةً فِي صَحِيفَتِهِ، كَمَا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ، وَصَحَّتْ بِهِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عن السلف رضي الله عنهم، وَهَذَا سِيَاقُ الْحَدِيثِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي لَأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا إِلَى الْجَنَّةِ، يُؤْتَى بِرَجُلٍ فَيَقُولُ نَحُّوا كِبَارَ ذُنُوبِهِ وَسَلُوهُ عَنْ صِغَارِهَا، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: عَمِلْتَ يوم كذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا، كذا وكذا، فَيَقُولُ: نَعَمْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَيُقَالُ: فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَاهُنَا» قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، انفرد بإخراجه مسلم «٢» .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثني هَاشِمُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا نَامَ ابْنُ آدَمَ قَالَ الْمَلِكُ لِلشَّيْطَانِ: أَعْطِنِي صَحِيفَتَكَ، فَيُعْطِيهِ إِيَّاهَا، فَمَا وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ حَسَنَةٍ مَحَا بِهَا عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مِنْ صَحِيفَةِ الشَّيْطَانِ وَكَتَبَهُنَّ حَسَنَاتٍ، فَإِذَا أراد أحدكم أن ينام فَلْيُكَبِّرْ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، وَيَحْمَدْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً، وَيُسَبِّحْ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً فَتِلْكَ مِائَةٌ» «٣» .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ وَعَارِمٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أبي عثمان عن سلمان قال: يعطى الرجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَحِيفَتَهُ فَيَقْرَأُ أَعْلَاهَا، فَإِذَا سَيِّئَاتُهُ، فَإِذَا كَادَ يَسُوءُ ظَنُّهُ نَظَرَ فِي أَسْفَلِهَا فَإِذَا حَسَنَاتُهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَعْلَاهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ بُدِّلَتْ حَسَنَاتٍ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الزُّهْرِيُّ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ليأتين الله عز وجل بأناس الزُّهْرِيُّ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَيَأْتِينَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأُنَاسٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدِ اسْتَكْثَرُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الضيف- قلت: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ- قَالَ.

يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ المتقين ثم الشاكرين ثم أصحاب اليمين قالت: لم سموا أصحاب اليمين؟ قال: لأنهم قد عَمِلُوا الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَأُعْطُوا كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ فَقَرَؤُوا سيئاتهم حرفا حرفا، وقالوا: يَا رَبَّنَا هَذِهِ سَيِّئَاتُنَا، فَأَيْنَ حَسَنَاتُنَا؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَحَا اللَّهُ السَّيِّئَاتِ وَجَعَلَهَا حَسَنَاتٍ، فَعِنْدَ ذلك قالوا: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ فهم أكثر أهل الجنة.


(١) المسند ٥/ ١٧٠.
(٢) كتاب الإيمان حديث ٣٠٨، ٣٠٩.
(٣) انظر الدر المنثور ٥/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>