وقوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾، كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ الآية، وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ قال «إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»(١)، قال قتادة بن دعامة في قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ يعني من الشعراء وغيرهم، وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا إياس بن أبي تميمة قال:
حضرت الحسن ومر عليه بجنازة نصراني، فقال: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾. وقال عبد الله بن أبي رباح عن صفوان بن محرز أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى، حتى أقول قد اندق قضيب زوره، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.
وقال ابن وهب: أخبرنا شريح الإسكندراني عن بعض المشيخة أنهم كانوا بأرض الروم، فبينما هم ليلة على نار يشتوون عليها أو يصطلون، إذا بركاب قد أقبلوا فقاموا إليهم، فإذا فضالة بن عبيد فيهم، فأنزلوه فجلس معهم-قال-وصاحب لنا قائم يصلي حتى مر بهذه الآية ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ قال فضالة بن عبيد: هؤلاء الذين يخربون البيت.
وقيل: المراد بهم أهل مكة، وقيل الذين ظلموا من المشركين. والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم.
كما قال ابن أبي حاتم: ذكر عن زكريا بن يحيى الواسطي، حدثني الهيثم بن محفوظ أبو سعد النهدي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن المجبر، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ﵂ قالت: كتب أبي في وصيته سطرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا، حين يؤمن الكافر وينتهي الفاجر ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه، وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾. آخر تفسير سورة الشعراء، والحمد لله رب العالمين.
(١) أخرجه مسلم في البر حديث ٥٦، ٥٧، وأحمد في المسند ٢/ ٩٢، ١٠٦، ٣/ ٣٢٣.