وهذا القول لا ينافي القول الأول، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة، والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالى وتقدس، فإنه الأول الآخر الذي هو قبل كل شيء وبعد كل شيء.
قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عمر بن سليم الباهلي، حدثنا أبو الوليد قال: كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة، فيقف على بابها فينادي بصوت حزين، فيقول أين أهلك؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ﴾ وقوله: ﴿لَهُ الْحُكْمُ﴾ أي الملك والتصرف ولا معقب لحكمه ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي يوم معادكم، فيجزيكم بأعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.