يبيتون، وما سقط منهم فلها» ولقد سمعت رسول الله ﷺ يقول:«يخرج قوم من أمتي يسيئون الأعمال، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم-قال يزيد: لا أعلمه إلا قال-يحقر أحدكم علمه مع علمهم، يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، فطوبى لمن قتلهم، وطوبى لمن قتلوه، كلما طلع منهم قرن قتله الله» فردد ذلك رسول الله ﷺ عشرين مرة وأكثر، وأنا أسمع.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: حدثنا أبو الحسن بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد وهشام بن عمار الدمشقيان قالا: حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا الأوزاعي عن نافع، وقال أبو النضر عمن حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال:«سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم، حتى لا يبقى إلا شرار أهلها، تلفظهم الأرضون، وتقذرهم روح الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، لها ما سقط منهم» غريب من حديث نافع، والظاهر أن الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء، والله أعلم. وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ.
وقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ كقوله: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا﴾ [مريم: ٤٩] أي أنه لما فارق قومه، أقر الله عينه بوجود ولد صالح نبي، وولد له ولد صالح نبي في حياة جده، وكذلك قال تعالى:
﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ [الأنبياء: ٧٢] أي زيادة، كما قال تعالى: ﴿فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ أي ويولد لهذا الولد ولد في حياتكما، تقر به أعينكما، وكون يعقوب ولد لإسحاق نص عليه القرآن وثبتت به السنة النبوية، قال الله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً﴾ [البقرة: ١٣٣] الآية، وفي الصحيحين «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام»(١) فأما ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ قال:
هما ولدا إبراهيم، فمعناه أن ولد الولد بمنزلة الولد، فإن هذا الأمر لا يكاد يخفى على من هو دون ابن عباس.
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ﴾ هذه خلعة سنية عظيمة مع اتخاذ الله إياه خليلا، وجعله للناس إماما أن جعل في ذريته النبوة والكتاب، فلم يوجد نبي بعد إبراهيم ﵇ إلا وهو من سلالته، فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن
(١) تقدم الحديث مع تخريجه عند تفسير الآية الرابعة من سورة يوسف.