للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾ وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لست بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملّة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وقد رواه البخاري (١) في البيوع عن محمد بن سنان عن فليح بن سليمان عن هلال بن علي به. ورواه في التفسير عن عبد الله، قيل ابن رجاء، وقيل ابن صالح، عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو به.

ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن عبد الله بن رجاء عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون به.

وقال البخاري في البيوع: وقال سعيد عن هلال عن عطاء عن عبد الله بن سلام ، وقال وهب بن منبه: إن الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له شعياء: أن قم في قومك بني إسرائيل فإني منطق لسانك بوحي وأبعث أميا من الأميين، أبعثه ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا لا يقول الخنا، أفتح به أعينا كمها وآذانا صما وقلوبا غلفا، أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه أهدي به بعد الضلال، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة وقلوب مختلفة، وأهواء متشتتة، وأستنقذ به فئاما من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين لما جاءت به رسلي، ألهمهم التسبيح والتحميد، والثناء والتكبير والتوحيد، في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم يصلون لي قيانا وقعودا ويقاتلون في سبيل الله صفوفا وزحوفا، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتي ألوفا، يطهرون الوجوه والأطراف ويشدون الثياب في الأنصاف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم في صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، وأجعل في أهل بيته، وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين، أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون، وأعز من نصرهم وأؤيد من دعا لهم، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم، أو بغى عليهم أو أراد أن ينتزع شيئا مما في أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون


(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ٤٨، باب ٣، والبيوع باب ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>