للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك، اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك، وهذا ما روي عن أبي بن كعب ومجاهد في رواية عنه، وعكرمة والضحاك في رواية، وأبي رزين في رواية عنه، وأبي صالح والحسن وقتادة في رواية، والسدي وغيرهم.

قال ابن جرير (١): حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية عن داود بن أبي هند، حدثني محمد بن أبي موسى عن زياد عن رجل من الأنصار قال: قلت لأبي بن كعب: أرأيت لو أن أزواج النبي توفين أما كان له أن يتزوج؟ فقال: وما يمنعه من ذلك؟ قال: قلت قول الله تعالى:

﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾ فقال: إنما أحل الله له ضربا من النساء، فقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ﴾ -إلى قوله تعالى- ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ ثم قيل له:

﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾ ورواه عبد الله بن أحمد من طرق عن داود به.

وروى الترمذي (٢) عن ابن عباس قال: نهى رسول الله عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله تعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ فأحل الله فتياتكم المؤمنات، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي وحرم كل ذات دين غير الإسلام، ثم قال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ الآية.

وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ -إلى قوله تعالى- ﴿خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء، وقال مجاهد ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾ أي من بعد ما سمى لك من مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة وقال أبو صالح ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾ أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا غربية، ويتزوج بعد من نساء تهامة وما شاء من بنات العم والعمة والخال والخالة إن شاء ثلاثمائة.

وقال عكرمة ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾ أي التي سمى الله.

واختار ابن جرير : أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء، وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا، وهذا الذي قاله جيد، ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف، فإن كثيرا منهم روى عنه هذا وهذا ولا منافاة، والله أعلم. ثم أورد ابن جرير على نفسه ما روي أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها! وعزم على فراق سودة حتى وهبت يومها لعائشة، ثم أجاب بأن هذا كان قبل نزول قوله تعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ﴾ الآية، وهذا الذي قاله من أن هذا كان قبل نزول الآية صحيح، ولكن لا يحتاج إلى


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٣١٧.
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ٣٣، باب ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>