الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال: قيل لها إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت قالت: لا ثم عرضها على الأرضين السبع الشداد، التي شدت بالأوتاد، وذللت بالمهاد، قال:
فقيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال: قيل لها: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، قالت: لا ثم عرضها على الجبال الشم الشوامخ الصعاب الصلاب، قال قيل لها: هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قال لها: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت قالت: لا.
وقال مقاتل بن حيان إن الله تعالى حين خلق خلقه جمع بين الإنس والجن والسموات والأرض والجبال فبدأ بالسموات فعرض عليهن الأمانة، وهي الطاعة، فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة، ولكن على الفضل والكرامة والثواب في الجنة؟ فقلن: يا رب إنا لا نستطيع هذا الأمر وليس بنا قوة ولكنا لك مطيعون، ثم عرض الأمانة على الأرضين فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة وتقبلنها مني، وأعطيكن الفضل والكرامة في الدنيا؟ فقلن: لا صبر لنا على هذا يا رب، ولا نطيق ولكنا لك سامعون مطيعون لا نعصيك في شيء أمرتنا به. ثم قرب آدم فقال له: أتحمل هذه الأمانة وترعاها حق رعايتها؟ فقال عند ذلك آدم: ما لي عندك؟ قال: يا آدم إن أحسنت وأطعت ورعيت الأمانة، فلك عندي الكرامة والفضل، وحسن الثواب في الجنة، وإن عصيت، ولم ترعها حق رعايتها، وأسأت فإني معذبك ومعاقبك وأنزلك النار، قال:
رضيت يا رب، وأتحملها، فقال الله ﷿ عند ذلك قد حملتكها فذلك قوله تعالى:
﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ﴾ رواه ابن أبي حاتم.
وعن مجاهد أنه قال: عرضها على السموات فقالت: يا رب حملتني الكواكب وسكان السماء وما ذكر وما أريد ثوابا ولا أحمل فريضة. قال: وعرضها على الأرض فقالت: يا رب غرست في الأشجار وأجريت في الأنهار وسكان الأرض وما ذكر وما أريد ثوابا ولا أحمل فريضة، وقالت الجبال مثل ذلك قال الله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ في عاقبة أمره، وهكذا قال ابن جريج. وعن ابن أشوع أنه قال: لما عرض الله عليهن حمل الأمانة ضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن، وقلن: ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد الثواب.
ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء الموصلي، حدثنا أبي حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم في هذه الآية ﴿إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية، قال الإنسان بين أذني وعاتقي، فقال الله ﷿: إني معينك عليها، إني معينك على عينيك بطبقتين، فإذا نازعاك إلى ما أكره فأطبق، ومعينك على لسانك بطبقتين، فإذا نازعك إلى ما أكره فأطبق، ومعينك على فرجك بلباس فلا تكشفه إلى ما أكره. ثم روي عن أبي حازم نحو هذا.