للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طَرِيقٌ أُخْرَى] لِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدَ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ تَوْبَةَ بْنِ نَمِرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِأَفْرِيقِيَّةَ، فَقَالَ يَوْمًا: مَا أَظُنُّ قَوْمًا بِأَرْضٍ إِلَّا وَهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ علي بن أبي رَبَاحٍ: كَلَّا قَدْ حَدَّثَنِي فُلَانٌ أَنَّ فَرْوَةَ بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَبَأً قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ عِزٌّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، أَفَأُقَاتِلُهُمْ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم «مَا أُمِرْتُ فِيهِمْ بِشَيْءٍ بَعْدُ» فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ الْآيَاتِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَبَأٌ؟ فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ سَبَأٍ مَا هُوَ: أَبْلَدٌ أم رجل أم امرأة؟ قال صلى الله عليه وسلم: «بَلْ رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ، فَسَكَنَ الْيَمَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ، وَالشَّامَ أَرْبَعَةٌ، أَمَّا الْيَمَانِيُّونَ فَمُذْحِجُ وكندة والأزد الأشعريون وَأَنْمَارُ وَحِمْيَرُ غَيْرُ مَا حَلَّهَا، وَأَمَّا الشَّامُ فَلَخْمُ وَجُذَامُ وَغَسَّانُ وَعَامِلَةُ» فِيهِ غَرَابَةٌ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ نُزُولِ الْآيَةِ بِالْمَدِينَةِ، وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كلها، والله سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أبو أسامة، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ عن فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأٍ مَا هُوَ: أَرْضٌ أَمِ امْرَأَةٌ؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَيَامَنَ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَةٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَكِنْدَةُ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَالْأَزْدُ وَمُذْحِجُ وَحِمْيَرُ وَأَنْمَارُ» فَقَالَ رَجُلٌ:

مَا أَنْمَارُ؟ قال صلى الله عليه وسلم: «الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ وَبَجِيلَةُ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ فَذَكَرَهُ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بن حصين عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ سَبَأٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ وَحُسِّنَ. قَالَ عُلَمَاءُ النَّسَبِ- مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ-: اسْمُ سَبَأٍ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ سَبَأً لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَبَأَ فِي الْعَرَبِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الرَّائِشُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَنِمَ فِي الْغَزْوِ، فَأَعْطَى قَوْمَهُ فَسُمِّي الرَّائِشَ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمَالَ رِيشًا وَرِيَاشًا. وَذَكَرُوا أَنَّهُ بُشِّرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَانِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:

سَيَمْلِكُ بَعْدَنَا مُلْكًا عَظِيمًا ... نَبِيٌّ لا يرخص في الحرام «٢»


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٣٦٠.
(٢) الأبيات في البداية والنهاية لابن كثير ٢/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>