للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنيد، حدثني إسحاق بن إبراهيم، حدثني هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يحكي عن موسى على المنبر قال: وقع في نفس موسى : هل ينام الله ﷿؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا، وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما، قال: فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى حتى نام فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان، قال: ضرب الله له مثلا أن الله ﷿ لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض.

والظاهر أن هذا الحديث ليس بمرفوع بل من الإسرائيليات المنكرة، فإن موسى أجل من أن يجوز على الله النوم، وقد أخبر الله ﷿ في كتابه العزيز بأنه ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله : «إن الله تعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، ويرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» (١).

وقد قال أبو جعفر بن جرير (٢): حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله هو ابن مسعود فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام، قال: من لقيت؟ قال: لقيت كعبا، قال: ما حدثك؟ قال: حدثني أن السموات تدور على منكب ملك، قال: أفصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته، قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، كذب كعب إن الله تعالى يقول ﴿إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٤١] وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود .

ثم رواه ابن جرير عن ابن حميد عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب جندب البجلي إلى كعب بالشام فذكر نحوه. وقد رأيت في مصنف للفقيه يحيى بن إبراهيم بن مزين الطليطلي سماه-سير الفقهاء-أورد هذا الأثر عن محمد بن عيسى بن الطباع عن وكيع عن الأعمش به، ثم قال: وأخبرنا زونان يعني عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب عن مالك أنه قال: السماء لا تدور، واحتج بهذه الآية، وبحديث «إن بالمغرب بابا للتوبة لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس


(١) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٢٩٣، ٢٩٥، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣، وأحمد في المسند ٤/ ٣٩٥، ٤٠١، ٤٠٥.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>