للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإنكم لأنتم هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تبارك وتعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فَقَالَ: قُرْبَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ «١» .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا وَكَأَنَّهُمْ فَخَرُوا، فقال ابن عباس أو العباس رضي الله عنهما- شَكَّ عَبْدُ السَّلَامِ- لَنَا الْفَضْلُ عَلَيْكُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِي؟» قَالُوا بلى يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ تَكُونُوا ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلَا تُجِيبُونِي؟» قَالُوا: مَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:

«أَلَا تَقُولُونَ أَلَمْ يُخْرِجْكَ قَوْمُكَ فَآوَيْنَاكَ أَوَلَمْ يُكَذِّبُوكَ فَصَدَّقْنَاكَ أَوَلَمْ يَخْذُلُوكَ فَنَصَرْنَاكَ» قَالَ:

فَمَا زال صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حَتَّى جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، وَقَالُوا: أَمْوَالُنَا فِي أَيْدِينَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، قَالَ: فَنَزَلَتْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قَسْمِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَذِكْرُ نُزُولِهَا فِي الْمَدِينَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَلَيْسَ يَظْهَرُ بين هذه الآية وَبَيْنَ السِّيَاقِ مُنَاسَبَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا علي بن الحسين، حدثنا رَجُلٌ سَمَّاهُ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرَ الله بمودتهم؟ قال: «فاطمة وولدها رضي الله عنهما» وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ مُبْهَمٌ لَا يُعْرَفُ عن شيخ شيعي مخترق وَهُوَ حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي هذا المحل، وذكر نزول الْآيَةِ فِي الْمَدِينَةِ بَعِيدٌ فَإِنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية فإنها لم تتزوج بعلي رضي الله عنه إِلَّا بَعْدَ بَدْرٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهجرة والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حَبْرُ الْأُمَّةِ وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كما رواه عنه البخاري وَلَا تُنْكَرُ الْوَصَاةُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَالْأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةٍ طَاهِرَةٍ مِنْ أَشْرَفِ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا متبعين للسنة النبوية


(١) انظر تفسير الطبري ١١/ ١٤٤.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>